أن من قال: إن الاجتناب هو أقل من التحريم فقد صدق؛ لأن التحريم هو لحدود اللَّه، كقوله: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ).
وهذا القول يؤدي -كما يقول الجيلاني بن التوهامي مفتاح- إلى التحلل من بعض الأحكام الشرعية، فالقول بأن الاجتناب أقل درجة من التحريم يقود حتمًا إلى القول بعدم حرمة الخمر والزنى، وهو ما صرح به شحرور نفسه حين قال: " وإني أقول لهَؤُلَاءِ الناس، أيهما أكبر، أمن يشرب كأسًا من الخمر أم من ينكح إحدى محارمه؟ (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ).
ويقال لشحرور: أليس الشرك من أكبر الكبائر، وأعلى المنهيات حرمة، فلماذا عبر عنه الحق -تبارك وتعالى- بالاجتناب ولم يعبر عنه بالحرمة؟ قال اللَّه تعالى: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ)، وقال سبحانه أيضًا: (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ).
فعلى مذهب الدكتور شحرور يصبح الشرك باللَّه والكفر به من الأمور العادية التي تخضع لثقافة الناس وأعرافهم، مثل: الخمر التي يرى أنها ليست بحرام ولكن تعافها الفطرة، وهو مخالف لما درج عليه أهل الفسق من استطابتها واعتبارها من أفضل مشروباتهم.
يتبين لنا أن تفسير مُحَمَّد شحرور للحرام والاجتناب مجانب للصواب، مخالف للأصول الثابتة، مزلزل لقواعد القرآن وأصوله.
ومن تفسيراته -أيضًا- ما جاء في مسألة الخلق الآدمي، فقد انطلق -كما فعل كثير غيره من أصحاب المدرسة الفكرية المعاصرة في التفسير- من نظرية دارون في التطور، فهو يرى أن آدم انتخب من المملكة الحيوانية البشرية انتخابًا، ولم يخلق ابتداء كما يرى التراثيون، ويرى شحرور أن خير من أول آيات خلق البشر هو (دارون)، ويعتمد نظريته في التطور ويوظفها في تفسير قول اللَّه تعالى: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ).
وينقل ماهر المنجد في كتابه (الإشكالية المنهجية في الكتاب والقرآن) عن شحرور قوله: