وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ) بالهلاك إهلاك استئصال واستيعاب.
وكلمته التي سبقت تحتمل ما كان من حكمه أن يختم الرسالة بمُحَمَّد وأن يجعله خاتم النبيين، وأمته آخر الأمم، بهم تقوم الساعة، يحتمل أن يكون كلمته التي ذكر هذا الذي ذكرناه.
وتحتمل وجهًا آخر: وهو أن كان من حكمه أنهم إذا اختلفوا في الكتاب والدِّين، وصاروا بحيث لا يهتدون إلى شيء، ولا يجدون سبيلا إلى الدِّين أن يبعث رسولا يبين لهم الدِّين، ويدعوهم إلى الهدى؛ لولا هذا الحكم الذي سبق وإلا لقضي بينهم بالهلاك.
والثالث: لولا ما سبق منه أن يؤخر العذاب عن هذه الأمة إلى وقت وإلا لقضي بينهم بالهلاك.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) يحتمل الكملة التي ذكر أنها سبقت في قوم موسى، وهو أنه لا يهلكهم بعد الغرق إهلاك استئصال، والتوراة إنما أنزلت من بعد، فقد آمن أمن قومه قوم، وهو ما قال: (وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ. . .) الآية.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ) يحتمل قوله: (لَفِي شَكٍّ مِنْهُ) في الدِّين (مُرِيبٍ).
وقَالَ بَعْضُهُمْ: (لَفِي شَكٍّ مِنْهُ) يعني: من العذاب مريب وقد ذكرنا الفرق بين الشك والريب فيما تقدم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١١١) قيل: (لَمَا) هاهنا صلة، يقول - والله أعلم -: وإن كلا (لَيُوَفِّيَنَّهُمْ) ربك جزاء أعمالهم في الآخرة إن كان شرًّا فشرّ، وإن كان حسنًا فحسن.
ومن قرأ (لَمَّا) بالتشديد فتأويله يحتمل وجهين: