وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ (٩٥) هو ما ذكرنا أنه يمين اعتادوه في كلامهم؛ على غير إرادة القسم به.
(إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ).
قيل في حُمث يوسف، وذكره القديم كان عندهم؛ بأنه هالك؛ لذلك أنكروا عليه وخطئوه؛ فيما يجد من ريحه، وعنده أنه في الأحياء؛ لذلك كان ما ذكروا. والله أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٩٦)
أي رجع بصيرًا على ما كان: قال أهل التأويل: البشير كان يهوذا، وقيل: البريد، ولا ندري من كان؛ وليس بنا إلى معرفة ذلك حاجة - سوى أن المدفوع إليه الثوب كان واحدًا؛ وإن قال في الابتداء: (اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي).
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ).
قال بعض أهل التأويل: وذلك أن يعقوب قال لهم قبل ذلك: (إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) أنتم؛ من تصديق رؤيا يوسف؛ وأنه حي، وكان يعلم هو من اللَّه أشياء ما لا يعلمون هم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ (٩٧) قال يعقوب: سوف أستغفر لكم ربي.
طلبوا من أبيهم الاستغفار؛ فأخرهم ذلك إلى وقت، وطلبوا من يوسف العفو وأقروا له بالخطأ والذنب؛ فعفا عنهم وقت سؤالهم العفو، فمن الناس من يقول: إنما أخر يعقوب الاستغفار؛ وعفا عنهم يوسف؛ لأن قلب الشاب يكون ألين وأرق من قلب الشيخ؛ لذلك كان ما كان، لكن هذا ليس بشيء؛ إنما يكون هذا في عوام من الناس؛ فأما الأنبياء