فوحي اللَّه: هو ثابت دائم ينتفع به أهله في الدنيا والعاقبة، ووحي الشيطان: هو باطل مضمحل لا عاقبة له؛ ولا ينتفع به أهله. واللَّه أعلم بذلك.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ... (٢٦)
قَالَ بَعْضُهُمْ: استؤصلت، وقيل: انتزعت. وقال أَبُو عَوْسَجَةَ: اقتلعت من أصلها؛ يقال: جثثت الشجرة أجثها جثًّا: إذا قلعتها من أصلها.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ).
هو ما ذكرنا. وقال بعض أهل التأويل: شبه كلمة الشرك بحنظلةٍ قطعت؛ فلا أصل لها في الأرض ولا فرع في السماء؛ أي: لا يصعد له عمل، وشبه كلمة الإيمان؛ في نفعها وفضلها وثباتها وقرارها في الأرض؛ بما ذكر من الشجرة. واللَّه أعلم.
ثم من الناس من احتج بهذا المثل في خلق الإيمان والكفر؛ فقال: لأنه ضرب مثله بما هو خلق؛ وهو الشجرة؛ فعلى ذلك الإيمان.
ولكن عندنا لا بهذا يجب أن يستدل على خلقه، ولكن لما ثبت أن منشئهما واحد لأنه لو كان منشئهما مختلفًا لكان لا يضرب مثل هذا بهذا ولا هذا بهذا؛ فإذا ضرب دل أن منشئهما واحد؛ فإذا ثبت ذلك دل على ما وصفنا.
ومن الناس من استدل بهذا أنه يزداد وينقص؛ حيث شبهه بالشجرة؛ وهي تزداد وتنقص، ونحن نقول: ليس فيه دلالة ما ذكروا؛ لأن الشجرة في نفسها ليست بذي حدّ، والإيمان ذو حدّ؛ فما يزداد إنما هو في حق التزيين والتحسين. وأمَّا الإيمان نفسه: فإنه لا يزداد؛ كالشجرة إذا تورقت وخرجت ثمارها توصف بالزينة والحسن، فأما نفس الشجرة: فلا توصف بالزيادة؛ فعلى ذلك الإيمان.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ).
يحتمل: يبين اللَّه الأمثال التي يقع عليها الحس، ويقع عليها البصر، والأشياء الظاهرة؛ لتدلهم على ما استتر وغاب عنهم، يدركون بالعقول ما استتر وخفي بالظاهر والمحسوس.