بعض أحكامها ومسائلها، مما يدلنا على اعتماده علم الفقه مصدرًا من مصادر تفسيره.
وتتمثل طريقته في اعتماد علم الفقه مصدرًا لتفسير القرآن الكريم في أنه يقوم بتحليل الآية التي تتضمن الحكم الفقهي، ثم يورد بعض أقوال العلماء، ثم يفصل القول حول المسألة الفقهية المعروفة بما أفاض اللَّه عليه.
ففي تفسيره لقول اللَّه تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ). عرض الماتريدي لعلاقة هذه الآية بما قبلها، وشرح الآية، ثم ذكر بعض الروايات عن الصحابة عامة، وعن بعضهم خاصة:
كحذيفة وابن عَبَّاسٍ وعمر وعلي - رضي اللَّه عنهم - في تفسير الآية وبيان ما فيها من أحكام فقهية، ثم شرع يدلي بدلوه في تفسير الآية، وبيان الأحكام الفقهية التي تنطوي عليها، ونراه ينقل عن الأئمة دون أن يذكر أسماءهم، ويعرض لاختلافات المذاهب دون أن يحددها ويعينها، وتناول -أيضًا-: الأصناف الثمانية المخصوصة بالزكاة بشيء من التفصيل، ويستعين في ذلك ببعض الأحاديث والمرويات وأقوال العلماء.
لكن ليس معنى هذا أن الماتريدي يهمل نسبة الآراء الفقهية إلى أصحابها في كل الأحوال، بل إنه في مواضع ذكر الآراء منسوبة إلى أصحابها.
ومن ذلك ما جاء عند تفسيره لقول اللَّه تعالى: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ. . .) الآية، فقد ذكر الماتريدي الأحكام التي تتعلق بالآية، وذكر كثيرًا من الأخبار والمرويات بشأنها، وأخذ يحلل ويدلل، ومما قال: " وكان أبو حنيفة - رحمه اللَّه - يسهم للفارس بسهمين، وأبو يوسف - رحمه اللَّه - يرى أن يسهم للفرس بسهمين، ولصاحبه بسهم، والحجة في ذلك قوله: قال اللَّه تعالى: (وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ) ".
فهنا ينسب الماتريدي الآراء إلى أصحابها، ونلاحظ أن المذهب الحنفي هو المذهب الغالب -أو الأكثر ورودًا- في تفسير تأويلات القرآن، وليس هذا غريبًا؛ لأن الماتريدي -كما قلنا- يتبع المذهب الحنفي.
سابعًا: علوم اللغة:
لا يعول الماتريدي كثيرًا على علوم اللغة في تفسيره؛ لذلك نراه مقلًّا جدَّا من توظيفها إلا مما كان من ذكر أقوال العلماء حول بيان بعض الألفاظ، كما سبق في بيان معنى كلمة