وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ).
قَالَ بَعْضُهُمْ: (فِيهَا): يعني في الجبال، (مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ): يعني: ما يوزن من نحو: الذهب، والفضة، والحديد، والرصاص، ونحوه مما يستخرج منها، وهذا كأنه ليس بصحيح؛ لأنه لا يقال في الذهب، والفضة والحديد: إنه أنبت في الأرض؛ كما يقال ذلك لنبات وما ينبت فيها، وإنما يقال للذهب، والفضة، والحديد: جعلنا فيها، أو خلقنا فيها.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: (وَأَنْبَتْنَا فِيهَا): يعني: في الأرض؛ من كل ألوان النبات، (مَوْزُونٍ): أي: معلوم مقدر بقدر؛ كقوله: (وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ).
ويحتمل: وأنبتنا فيها ما يصير موزونًا في الآخرة من الزروع وغيرها من الحبوب، أو ما ذكرنا؛ أي: معلوم مقدر، واللَّه أعلم، ليس على الجزاف؛ على ما يكون من فعل جاهل على غير تدبير ولا تقدير.
ويحتمل قوله: (مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ): ما لو اجتمع الخلائق - لم يعرفوا قدر ما يزداد وينمو من النبات؛ في لحظة واحدة؛ وطرفة عين، في أول ما يخرج ويبدو من الأرض، وذلك موزون عنده؛ معلوم قدره، ليعلم لطفه، وقدرته، وتدبيره، وعلمه، وأنه تدبير واحد؛ حيث لم يختلف ذلك؛ ولم يتفاوت. واللَّه أعلم.
قال أَبُو عَوْسَجَةَ: (فَظَلُّوا فِيهِ): أيْ صاروا يومهم (يَعْرُجُونَ): يرتفعون ويصعدون.
وقال غيره: ظلوا: أي: مالوا، كقوله: (فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ)، أي: مالت، وقال: قوله: (سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا): أي تحيرت؛ يقال: تسكر بصره: إذا تحير، وقال: يقال أيضًا تحيرت، يقال: سكر اللَّه بصره: أي: حيره، وسكرت الريح تسكر سكرًا: إذا سكنت، ويقال: ليل ساكر، أي: ساكن، وسكرت الماء أسكره سكرًا: أي: حبسته،