أسباب، ومن شيء ومن لا شيء. ويذكر نعمه: حيث أخبر أنه خلق في الأرض من الأصناف المختلفة، والجواهر المتفرقة؛ لينتفعوا بها.
ويحتمل قوله: (مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ) من جنس واحد؛ من شيء واحد؛ لأنه يكون من جنس واحد ألوان مختلفة، ومن قدر على إنشاء ألوان مختلفة من شيء واحد لا يعجزه شيء.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ)، وفي آية: (لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)، وفي آية (لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)، وفي آية: (لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ)، و (لِلْمُتَوَسِّمِينَ)، وفي آية: (لِلْمُؤْمِنِينَ).
فيحتمل أن يكون كله كناية عن المؤمنين؛ كأنه قال: إن في ذلك لآية للمؤمنين؛ إذ يجمع الإيمان جميع ما ذكر: من التفكر، والتذكر، والعقل، والاعتبار، والصبر، والشكر، وغيره.
ويحتمل: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)، و (يَعْقِلُونَ)، و (يَذَّكَّرُونَ): أي: لقوم همتهم الفكر والنظر في الآيات، ولقوم همتهم التفهم والاعتبار فيها، لا لقوم همتهم العناد، والمكابرة، والإعراض عن النظر في الآيات والفكر فيها.
وفي ذكر الآية للمتفكرين، والعاقلين، والمتذكرين: لما منفعة الآية تكون لهَؤُلَاءِ، وإن كانت الآيات لهم ولغيرهم، فمنفعتها لمن ذكر. واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٤)
وتسخيره إياه لنا: هو ما بذل للخلق ما فيه من أنواع الأموال التي خلق اللَّه فيه: من الحلى والجوهر واللؤلؤ، وبذل ما فيه من الدواب: السمك وغيره، فلولا تسخير اللَّه إياه للخلق؛ وتعليمه إياهم الحيل التي بها يوصل إلى ما فيه من الأموال النفيسة؛ وإلا ما قدروا على استخراج ما فيه والوصول إليه؛ لشدة أهواله وأفزاعه.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا).
يحتمل السمك خاصة. ويحتمل السمك وما فيه من الدواب؛ من نوع ما لو كان بريًّا أكل؛ من نحو الجواميس وغيرها.
وقوله تعالى: (وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا).
يحتمل الحلية: اللؤلؤ والمرجان؛ الذي ذكر في آية أخرى؛ حيث قال: (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ).
ثم يحتمل قوله: (حِلْيَةً): أي: ما يتخذ منه حلية. وهذا جائز؛ أن يسمى الشيء باسم ما يتخذ منه؛ وباسم ما يصير به في المتعقب. أو يسمى حلية؛ لأنه زينة.