وقوله: (يُخْزِيهِمْ): قال أهل التأويل: يعذبهم، وكأن الإخزاء هو الإذلال، والإهانة، والفضح، يذلهم، ويهينهم، ويفضحهم في الآخرة؛ مكان ما كان منهم من الاستكبار، والتجبر على النبي وأصحابه، وكذلك قوله: (يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا)، أي: لا يذلهم، ولا يهينهم؛ لتواضعه للمؤمنين، وخفض جناحه لهم، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ) أي: تعادون أوليائي فيهم، أو تعادونني فيهم.
وقوله: (أَيْنَ شُرَكَائِيَ) ليس له بشركاء؛ ولكن أضاف إلى نفسه: شركائي؛ على زعمهم في الدنيا أنها شركاؤه، وكذلك قوله: (فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ) أي: إلى ما في زعمهم؛ وتسميتهم إياها آلهة.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ) أي: كنتم تخالفون فيهم وتعادون؛ أي: تخالفون المؤمنين في عبادتهم إياها؛ لأنهم يقولون: (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى) وهم شفعاؤنا عند اللَّه، ونحوه، كانوا يخالفون المؤمنين، وكانوا يشاقون في ذلك؛ إلا أنه أضاف ذلك إلى نفسه لأنهم أولياؤه، وأنصار دين اللَّه، وأضاف إليه المخالفة والمشافة لأنهم خالفوا أمر اللَّه.
وقوله: (قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ).
قال أهل التأويل: الذين أوتوا العلم الملائكة الكرام الكاتبون، لكن هم وغيرهم من المؤمنين محتمل.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ) أي: الذل والهوان والافتضاح وكل سوء على الكافرين هكذا يقابل كل معاند ومكابر في حجج اللَّه وبراهينه مكان استكبارهم وتجبرهم في الدنيا، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٢٨)
قال الحسن: تتوفاهم الملائكة من بين يدي اللَّه يوم الحساب إلى النار.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: تتوفاهم الملائكة - وقت قبض أرواحهم - ظالمي أنفسهم بالشرك والكفر باللَّه.