ما لولا تعليمه إياكم ما تقدرون على بناء البيوت فيها؛ يذكر مننه عليهم، واللَّه أعلم.
وفي هذه الآيات في قوله: (جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا). ونحوه: دلالة نقض قول المعتزلة؛ لأنه ذكر أنه جعل بيوتًا سكنًا، والسكن فعل العباد؛ دل أن لله في فعلهم صنعًا.
(وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا)، قال أهل التأويل: (وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا)، أي: من صوفها، لكنه أضافها إلى الجلود؛ لما من الجلود يخرج، ومنها يجز ويؤخذ، وهو ما ذكر.
(وَمِنْ أَصْوَافِهَا): وهو صوف الغنم.
(وَأَوْبَارِهَا): وهو صوف الإبل.
(وَأَشْعَارِهَا): ما يخرج من المعز.
(يَوْمَ ظَعْنِكُمْ): قيل: ليوم سفركم وسيركم.
(وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ): قَالَ بَعْضُهُمْ: في المصر. وقَالَ بَعْضُهُمْ: في السفر حين النزول.
والجعل في هذا يحتمل الوجهين اللذين ذكرنا في قوله: (جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا): أحدهما: على التسخير لهم، والثاني: على التعليم.
ذكر - عَزَّ وَجَلَّ - في البيوت المتخذة من المدر السكنى؛ حيث قال: (مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا)، ولم يذكر في البيوت المتخذة من الجلود والأوبار والأشعار؛ فكأنه ترك ذكره في هذه، الذكر في الأول ذكر تصريح، وذكر في الثاني ذكر دلالة.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَثَاثًا) قيل: الأثاث والرياش: واحد، وهو المال.
وقيل: ما يتخذ من الثياب والأمتعة.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ).
يحتمل إلى حين، إلى وقت بِلَى ذلك الأثاث، أو إلى حين وقت فنائهم.