طول القيام؛ فعلى هذا: المعنى: هو القائم لله في كل ما يعبده وأمر به.
وقيل: (أُمَّةً)، أي: دينًا؛ لقوله: (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً)، أي: دينكم دينا واحدًا.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (حَنِيفًا).
قيل: الحاج، وقيل: الحنيف: المسلم، وقيل: المخلص، وفيه كل ذلك: كان حاجا مسلمًا مخلصًا لله، وأصل الحنف: الميل، أي: كان مائلا إلى أمر اللَّه وما يعبده به، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ).
لا شك أنه لم يكن من المشركين، لكنه ذكر هذين الوجهين.
أحدهما: لما ادعى كل أهل الأديان أنهم على دينه وانتسب كل فرقة إليه فبرأه اللَّه من ذلك، وأخبر أنه ليس على ما هم عليه من الدِّين؛ وهو ما قال: (مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا. . .) الآية.
والثاني: ذكر هذا: أنه لم يكن من المشركين بقوله: (هَذَا رَبِّي)؛ لأنه هو كان ذلك عنه على ظاهر ما نطق: كان ذلك في الظاهر إشراكًا، ففيه مشبه في ظاهره؛ فبرأه اللَّه عن ذلك وأخبر أن ذلك منه لم يكن إشراكًا، ولكن على المحاجة خرج ذلك منه محاجة قومه؛ لقوله: (وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ)، والله أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٢١)
أي: لم يصرف شكر نعمه إلى غير المنعم، بل صرف شكرها إلى منعمها، والشكر في الشاهد هو المكافأة، ولا يبلغ أحد من الخلائق في المرتبة التي يكافئ اللَّه في أصغر نعمة أنعمها عليه، ولا يتفرغ أحد عن أداء ما عليه من إحسان اللَّه عليه فضلًا أن يتفرغ لمكافأته؛ لكن اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - بفضله ومنه سمي ذلك شكرًا، وإن لم يكن في الحقيقة شكرًا؛ كما ذكر الصدقة التي تصدق بها العبد إقراضا كما سمى تسليمه لنفسه وبذله الأمر لله - شراء، وإن كانت أنفسهُم وأموالهم في الحقيقة - له، ولا يطلب المرء في العرف القرض من عبده، وكذلك شراء؛ لكنه بلطفه وفضله عامل عباده معاملة من لا ملك له في أنفسهم وأموالهم؛ فعلى ذلك في تسمية الشكر؛ واللَّه أعلم.