وقال الحسن: ما كان إبليس من الملائكة قط طرفة عين؛ ولكنه من الجن؛ كما قال اللَّه فهو أصل الجن، وهو أول من عصى ربه من الجن، وإن آدم هو أصل الإنس، وهو أبوهم؛ فعلى ذلك إبليس أبو الجن.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: (كَانَ مِنَ الْجِنِّ)، أي: صار من الجن، وكذلك قالوا: (وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ)، أي: صار من الكافرين.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: (كَانَ مِنَ الْجِنِّ)، أي: كان في علم اللَّه في الأزل أنه يكون من الجن، وكان في علم اللَّه في الأزل أنه يكون من الكافرين وقت عصيانه ربه وإبائه السجود لآدم. وقد ذكرنا هذه المسألة فيما تقدم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ).
قيل: عتا وعصى، وأصل الفسق: الخروج، أي: خرج عن أمر ربه، وكذلك قال الْقُتَبِيّ: ففسق، أي: خرج عن طاعته، يقال: فسقت الرطبة إذا خرجت من قشرتها.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي).
هذا يحتمل وجهين:
أحدهما: أنه أراد بقوله: (مِنْ دُونِي) نفسه؛ فكأنه قال: أفتتخذونه وذريته أربابا وآلهة من دوني وهم لكم عدو، وليسوا بآلهة ولا أرباب؛ فكيف يجوز أن يتخذ العدو ربا وإلها؟!
والثاني: أنه أراد بقوله: (أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي)، أي: من دون أوليائي؛ فكأنه قال: أفتتخذونه وذريته أولياء من دون أوليائي، وهم لكم عدو، أي: كيف تتخذون الأعداء أولياء، وتتركون من هم لكم أولياء ولا تخخذونهم أولياء؟! واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا)، أي: بئس ما استبدلوا بعبادة ربهم أن عبدوا إبليس وأطاعوه؛ فبئس ذلك لهم بدلا.
أو أن يكون قوله: (بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا): ما اتخذوا أعداءهم أولياء بدلا عن أوليائه أو بدلا عن ألوهيته وربوبيته.
وقوله: (مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا (٥١)