وقَالَ بَعْضُهُمْ: هو بلغة قوم: سنة.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: هو على التمثيل: على ما يبعد.
وقيل: سبعون سنة، ونحوه، واللَّه أعلم.
وقوله: (فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا (٦١)
أضاف النسيان إليهما، وإن كان الذي نسيه هو فتاه.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: أضاف النسيان إليهما على الترك؛ لأنهما فارقا ذلك المكان وتركا الحوت فيه، وإنما أضاف النسيان إليهما؛ لما تركاه جميعًا فيه وفارقاه، وإن كان الفتى هو الذي نسيه دون موسى فقد نسى موسى أن يستخبره عنه؛ فقد كان منهما جميعًا النسيان: من الفتى الإخبار والتذكير، ومن موسى: الاستخبار عن حاله.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: أضاف ذلك إليهما؛ لما نسيا مكان الرجل الذي أمر موسى أن يأتيه ويقتبس منه العلم، فهو على الجهل يخرج على هذا التأويل، أي: جهلا مكانه، واللَّه أعلم.
وقوله: (فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا).
قال أَبُو عَوْسَجَةَ: سَرَبًا، أي: دخل في البحر كما يدخل في السرب، والسرب: هو داخل الأرض يقال بالفارسية: سمج.
وقَالَ الْقُتَبِيُّ: سَرَبًا، أي: مذهبا ومسلكا.
وقول أهل التأويل: إن الحوت كان مشويًّا فأحياه اللَّه.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: كان طريًّا.
ولكن ليس لنا إلى معرفة الحوت أنه كان مشويَّا أو طريًّا حاجة، وهو قادر على أن يحييه مشويًّا أو طريًّا في أي حال كان، واللَّه أعلم.
وقوله - عزت جل -: (فَلَمَّا جَاوَزَا ... (٦٢)
يعني: مكانه.
(قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا).
فيه دلالة: أن لا بأس للرجل إذا أصابته مشقة وجهد أن يذكر أصابني كذا، وللمريض يقول: بي من المرض كذا، ولا يخرج ذلك مخرج الشكوى والجزع عن اللَّه؛ حيث قال موسى: (لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا): تعبًا وجهدًا.
وقوله: (قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا (٦٣)