وقَالَ بَعْضُهُمْ: الحكمة والعلم. فكيفما كان ففيه فساد مذهب المعتزلة؛ لأنهم يقولون: إن اللَّه تعالى لا يخص أحدًا بنبوة، ولا شيء من الخيرات إلا بعد أن يسبق من المختص له ما يستوجب ذلك الاختصاص، ويستحقه، فما الذي كان من يَحْيَى في حال صباه وطفوليته ما يستوجب به النبوة، وما ذكر من الحكم أنه آتاه، فدل ذلك أن الاختصاص منه - يكون لمن كان - إفضالا منه وإنعامًا ورحمة، لا باستحقاق من المختص له واستيجابه.
وفي قوله: (يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ) دلالة أنه كان نبيَّا حيث كان أخبر أنه آتاه الكتاب.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا ... (١٣) هو على قوله: (وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا) وآتيناه حنانا وزكاة أيضًا.
ثم اختلف في قوله: (وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا):
قال ابن عَبَّاسٍ: تعطفًا من لدنا.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: أي: رحمة من لدنا، وهو قول الحسن.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: الحنان: المحبة.
وقال أَبُو عَوْسَجَةَ: حنانك وحنانيك كلاهما يعني: رحمتك، وقال: أصله من التحنن، وهو الترحم.
وقَالَ الْقُتَبِيُّ: أصله من حنين الناقة على ولدها.
وقوله: (وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا).
قَالَ بَعْضُهُمْ: زكاة، أي: صدقة تصدق بها على زكريا وزوجته في الوقت الذي لا يرجو فيه مثلهما الولد.