بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ. . .) الآية، ولأَن في العقل ما يدفع حمل الأشياء كلها على الإباحة، لما في ذلك فساد الخلق، وتفانيهم.
فيين لِكل منهم ملْكًا على حدة بسبب يكتسب به؛ لئلا يحملهم على التفاني والفساد، وباللَّه نستعين.
وقوله: (فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا).
أي: أَعدالًا، وأَشكالًا في العبادة، وكله واحد.
ند الشيء: هو عِدْلهُ. وشكلُه: هو مثلُه "
وقوله: (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ).
الأَول: أَن لا نِدَّ، ولا عِدْل، ولا شكل؛ لما أَراكم من إِنشاءِ هذه الأَشياء ولم تروا من ذلك ممن تعبدونه شيئًا.
والثاني: (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) ولما أَنشأ فيكم من الأَشياءِ ما لو تدبرتم وتفكرتم وتأَملتم، علمتم أنه لا نِد له ولا شكل له؛ كقوله: (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ).
وقوله عَزَّ وَجَلَّ: (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا (٢٣)
من القرآن أنه مُخْتَلَق مفترى، وأنه ليس منه؛ كقولهم: (إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ) وقولهم: (مَا هَذَا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرًى)، و (مَا هَذَا إِلَّا سِحْرٌ).
وقوله: (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ).
أي: ائْتوا أَنتم بمثل ما أَتى هو؛ إذ أنتم وهو سواء في الجوهر والخلقة واللسان، ليس هو أَولى بذلك منكم؛ أَعني: في الاختلاق.
وقوله: (وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ).
أي: استعينوا بآلهتكم الذين تعبدون من دون اللَّه، حتى تعين لكم على إتيان مثله إن كنتم صادقين في مقالتكم أنه مختلق مفترى.
ويقال: (وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ). يعني شعراءَكم وخطباءَكم ليعينوكم على إتيان مثله.
ويقال: ادعوا شهداءَكم من التوراة، والإنجيل، والزبور، وسائِر الكتب المنزلة على الرسل السالفة أنه مختلق مفترى.
وقوله: (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا (٢٤)
يحتمل وجوهًا:
يحتمل أنهم اقروا على أثر ذلك بالعجز عن إتيان مثله من غير تكلف ولا اشتغال كان منهم لما دفع عَزَّ وَجَلَّ عن أطماعهم إتيان مثله نظمًا، ولا اجتهدوا كل جهدهم، وتكلفوا