وَزَادَهُمْ نُفُورًا (٦٠) تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا (٦١) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا (٦٢)
وقوله: (وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ (٥٣)
قَالَ بَعْضُهُمْ: مرج، أي: خلع ماء المالح على ماء العذب.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: (مَرَجَ): أرسل البحرين أحدهما عذب والآخر أجاج.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: (مَرَجَ) أي: أفاض أحدهما على الآخر.
قال أبو معاذ: العرب تقول: مرجت الدابة إذا خلعتها وتركتها تذهب حيث شاءت، ومرج الوالي الناس من السجون إذا أرسلهم، فإذا رعيت دابة في المروج، قلت: أمرجت دابتي أمرجها إمراجًا، وإنما سمي المرج: مرجًا؛ لأنه متروك للسباع غير معمور، والممرج الذي يرعى دابته في المرج والدابة الممروجة.
وقال أَبُو عَوْسَجَةَ: مرج البحرين مرجهما، أي: خلطهما فهو مارج، وقال: (فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ) أي: مختلط، ويقال: مرجت عن كل شيء إذا خلطت، واللَّه أعلم.
ثم اختلف في البحرين؛ قَالَ بَعْضُهُمْ: أحدهما بحر الأرض، والآخر بحر السماء، وجعل بينهما برزخًا، أي: حاجزًا عن أن يختلط أحدهما بالآخر.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: أحدهما بحر السماء، والآخر بحر تحت الأرض، وجعل بينهما برزخًا وهو الأرض.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: بحران على وجه الأرض: أحدهما بحر الروم والآخر بحر الهند.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: أحدهما بحر الشام، والآخر بحر العراق: أحدهما مالح أجاج، والآخر عذب، وكان الأجاج هو الذي بلغ في الملوحة غايته، والفرات هو الذي بلغ في العذوبة غايته؛ ذكر منَّتَه وفضله ولطفه؛ حيث لم يخلط أحدهما بالآخر، بل حفظ كلًّا على ما هو عليه إلى أن تقوم الساعة، فعند ذلك يصير الكل واحدا؛ كقوله: (وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ).
ثم إن كان أحدهما بحر السماء والآخر بحر الأرض، وإن كانا بحرين في الهواء، فالحاجز بينهما ليس إلا اللطف؛ وكذلك إن كان الثالث ليعلم أن من قدر على حفظ هذا من هذا بلا حجاب ولا حاجز باللطف، لقادر على إحياء الموتى وبعثهم، ولا يعجزه