زَوْجٍ) أي: جنس حسن.
وقوله: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً ... (٨) يحتمل قوله: (لَآيَةً) لوحدانية اللَّه وألوهيته، وآية لسلطانه وقدرته، وآية لعلمه وتدبيره؛ لأن من قدر على إحياء النبات والأرض بعد ما يبس وجف لقادر على إحياء الموتى وبعثهم.
ودل إخراج النبات من الأرض في كل عام على حد واحد، وعلى قدر وميزان واحد، على أنه إنما خرج ذلك عن تدبير وعلم ذاتي وقدرة ذاتية، ليست بمستفادة؛ فدل ذلك كله أنه فعل واحد قادر مدبّر عالم، لا يعجزه شيء أو لا يخفى عليه شيء، واللَّه الموفق.
وقوله: (وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ): يحتمل قوله: وما كان أكثر الذين بعث إليهم محمد مؤمنين، وهم الذين كانوا وقت مبعثه.
وجائز أن يكون: وما أكثر ما يكونوا مؤمنين.
وقوله: (وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٩) جائز أن يقال: العزيز: المنتقم من أعدائه، الرحيم بأوليائه.
ويحتمل: العزيز على الخلائق كلهم، وهم أذلاء دونه، به يعز من عز.
* * *
قوله تعالى: (وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٠) قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ (١١) قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (١٢) وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنْطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ (١٣) وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (١٤) قَالَ كَلَّا فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ (١٥) فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٦) أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (١٧)
وقوله: (وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى) أي: أمر ربك موسى وأوحى.
(أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ): فيه دلالة أن موسى - صلوات اللَّه عليه - كان مبعوثًا مرسلا إلى فرعون وقومه، وإن كان لم يذكر في بعض الآيات قومه حيث قال: (اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى)، وقال في بعضها: (إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ)؛ فهذا لأنهم كانوا الرؤساء والقادة، فإذا آمنوا هم اتبعهم الأتباع في ذلك، وإلا كان مبعوثًا في الحقيقة رسولا إليه وإلى قومه جميعًا الأتباع والمتبوعين لما ذكر.
وقوله: (قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ (١١) كأنه على الإضمار: أن ائت القوم الظالمين، وقل لهم: ألا تتقون.
ثم قوله: (أَلَا يَتَّقُونَ) يحتمل وجهين:
أحدهما: ألا تتقون مخالفة أمر اللَّه ونهيه.
أو يقول: ألا تتقون نقمة اللَّه وعقوبته، واللَّه أعلم.