وقَالَ بَعْضُهُمْ: قوله: (إِنْ هَذَا) أي: ما هذا الذي تقوله إلا كذب الأولين واختلاقهم، أي: تكذب وتختلق، كما اختلق الذين كانوا من قبلك من الرسل؛ كقوله: (إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ)، فإن كان على هذا فيكون قوله: (كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرسَلِينَ) هذا لأنهم كذبوا الرسل جميعًا.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: قوله: (إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ) قالوا: هكذا كان الناس قبلنا يعيشون ما عاشوا، ثم يموتون ولا بعث ولا حساب.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: الوعظ: هو النهي؛ كقوله: (يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا) أي: ينهاكم.
وقوله: (وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (١٣٨) عليه على ما تزعم وتخبر كما لم يعذب الآباء.
وقوله: (فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ ... (١٣٩) قيل: أهلكوا بالريح؛ كقوله: (وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ. . .) الآية.
وقوله: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً): قد ذكرناه.
وقال أَبُو عَوْسَجَةَ والْقُتَبِيّ: (خَلْقُ الْأَوَّلِينَ)؛ أي: اختلاقهم وكذبهم؛ يقال: خلقت الحديث واختلقته، إذا افتعلته.
قال الفراء: والعرب تقول للخرافات: أحاديث الخلق.
قال ومن قرأ: (خُلُقُ الْأَوَّلِينَ) - بضم الخاء - أراد: عادتهم وشأنهم.
* * *
قوله تعالى: (كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ (١٤١) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ (١٤٢) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٤٣) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (١٤٤) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٤٥) أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ (١٤٦) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (١٤٧) وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ (١٤٨) وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ (١٤٩) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (١٥٠) وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ (١٥١) الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (١٥٢) قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (١٥٣) مَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (١٥٤) قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (١٥٥) وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٥٦) فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ (١٥٧) فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٥٨) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (١٥٩)