(يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ).
وقوله: (وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ): لم تزل النبوة في ذرية إبراهيم من لدنه إلى هذا الوقت، كان جميع أنبياء بني إسرائيل من ولد إسحاق، ونبينا مُحَمَّد - صلوات الله عليه - كان من ولد إسماعيل، عليه السلام.
وقوله: (وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا): اختلف في الأجر الذي أخبر أنه آتاه إبراهيم في الدنيا: قَالَ بَعْضُهُمْ: هو ما وهب له من الولد في الكبر.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: هو ما سخر له الألسن بأجمعها على الثناء الحسن عليه؛ حيث نسب جميع أهل الأديان على اختلاف أديانهم ومذاهبهم أنهم على دينه وسنته وسيرته وتولى كل به.
وجائز أن يكون قوله: (وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا): ما أخبر أنه آتى جميع المؤمنين وأعطاهم، وهو ما قال: (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ)، وما ذكر من ثواب الدنيا، فما من مؤمن إلا وقد آتاه اللَّه في الدنيا أجرا وثوابا، فذلك الذي أتى إبراهيم.
أو لا نفسر ما ذلك الأجر الذي ذكر أنه آتاه اللَّه؟ واللَّه أعلم.
وقوله: (وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ): هذا يخرج على وجهين: أحدهما: أنه لو لم يكرمه اللَّه بالنبوة والرسالة لكان هو أيضًا في الآخرة من الصالحين.
والثاني: ذكر الصلاح له لحقيقة صلاحه، أي: يكون هو ممن حقق الصلاح؛ وكذلك ما ذكر في موسى وهارون حيث قال: (إِنَّهُمَا مَن عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ)، أي: من عبادنا الذين حققوا الإيمان، وغيرهم من المؤمنين لم يحققوا.
أو أن يكون ما ذكرنا، أي: لو لم يكن الإكرام الذي أكرمه اللَّه - وهو النبوة - لكان من المؤمنين أيضًا، وإلا ليس في ذكر الإيمان والصلاح لهم كبير منقبة وفضيلة عند الناس؛ إذ يسمى بهذين كل مؤمن ومصلح، واللَّه أعلم.
وعن ابن عياس في قوله: (وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا) قال: عمله ما جزي في الآخرة.
وقتادة يقول: آتاه اللَّه عاقبة وعملا صالحًا وثناء حسنًا، وقال: فلست تلقى أحدًا