وقَالَ بَعْضُهُمْ: أما البر فأهل العمود، والبحر: هم أهل القرى والريف.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: البر: قتل ابن آدم أخاه، والبحر: (يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا).
وجائز أن يكون لا على حقيقة إرادة البر والبحر؛ ولكن على إرادة الأحوال نفسها، على ما ذكرنا من القحط والضيق وقلة الأنزال؛ بما كسبت أيدي الناس من الثرك والكفر.
(لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا).
وهو الشرك، هذا أشبه.
وعن الحسن قال: (أفسدهم اللَّه في بر الأرض وبحرها بأعمالهم الخبيثة؛ لعلهم يرجع من كان بعدهم ويتعظون بهم).
وقتادة يقول: لعل راجعًا يرجع، لعل تائبًا يتوب، لعل مستغيثًا يستغيث، وأصله: لكي يلزمهم الرجوع والتوبة عما عملوا، وينبههم عن ذلك كله.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ)، أي: أجدب البر وانقطعت مادة البحر؛ بذنوب الناس.
قال أَبُو عَوْسَجَةَ: الربا من الربو مثل ما يصنع أصحاب الربا، (لِيَرْبُوَ)، أي: ليزيد ويكثر؛ يقال: ربا ماله، أي: كثر.
والْقُتَبِيّ يقول: أي: يزيدكم من أموال الناس من زكاة وصدقة.
وقوله: (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ (٤٢) قد ذكرنا في غير موضع: أنه ليس على حقيقة الأمر بالسير في الأرض؛ ولكن كأنه يقول: لو سرتم في الأرض ونظرتم لرأيتم عاقبة من كان قبلكم من المشركين، وهكذا في الرسل وما حل بهم؛ فينبهكم ويمنعكم عن تكذيب الرسل والشرك باللَّه.
أو أن يكون هو على الأمر بالفكر والنظر والاعتبار؛ كأنه يقول: تفكروا واعتبروا فيما سرتم في الأرض، وانظروا إلى ماذا صار عاقبة مكذبي الرسل من قبل؛ فينزل بكم بالتكذيب ما نزل بأُولَئِكَ؛ واللَّه أعلم.
وقوله: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ (٤٣)