سُورَةُ الْسَّجْدَةِ
مَكِّيَّة إلا ثلاث آيات
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قوله تعالى: (الم. تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ. أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ. اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ. يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ. ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ. الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ. ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ. ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ.
قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (الم (١)
قد ذكرنا تأويله في صدر الكتاب.
وقوله: (تَنْزِيلُ الْكِتَابِ ... (٢)
الكتاب المطلق: كتاب اللَّه، والدِّين المطلق: دين اللَّه، والسبيل المطلق والطريق المطلق: سبيل اللَّه وطريقه.
وقوله: (لَا رَيْبَ فِيهِ).
أنه منزل من اللَّه؛ لأنه أنزل على أيدي الأمناء البررة: لم يغيروه ولا بدلوه ولا حرفوه.
أو يقول: (لَا رَيْبَ فِيهِ) أنه ليس بمخترق ولا مخترع ولا مفتري من عند الرسول؛ بل منزل من عند رب العالمين.
أو (لَا رَيْبَ فِيهِ): لا شك؛ على ما يقول الناس لكل محكم من الأمر مبين، واللَّه أعلم.
(مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ).
العالم: هو اسم جنس من الخلق وجوهر منه، (الْعَالَمِينَ): جمعه؛ فيدخل في ذلك الأولون والآخرون الذين يكونون إلى آخر ما يكونون؛ ففيه أنه يوصف - جل وعلا - أنه رب لكل ما كان ويكون، ومالك ما كان وما يكون؛ كقوله: (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ): أخبر أنه مالكه، وهو بعد ما لم يكن، أعني: ذلك اليوم.
وقوله: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (٣)