من الذين كانوا يتوارثون.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: (فِي الْكِتَابِ)، أي: في التوراة مكتوبًا: أن يصنع بنو إسرائيل إلى بني لؤي بن يعقوب معروفًا؛ ليعود الغني على الفقير، واللَّه أعلم.
* * *
قوله تعالى: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (٧) لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا (٨)
وقوله: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا).
قَالَ بَعْضُهُمْ: خصّ هَؤُلَاءِ؛ لأن أهل الشرع من الرسل هم هَؤُلَاءِ؛ كقوله: (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا. . .) الآية، لكنه قد ذكر في آية أخرى ما يدل أن غير هَؤُلَاءِ كان لهم أيضًا شرع؛ كقوله: (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ. .) الآية.
وجائز أن يكون تخصيص هَؤُلَاءِ بأخذ الميثاق؛ لأنهم هم أولو العزم من الرسل؛ حيث قال: (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ) أو يكون لا على تخصيص لمن ذكر؛ ولكن على إرادة الكل، واللَّه أعلم.
ثم اختلف في أخذ الميثاق:
قَالَ بَعْضُهُمْ: أخذ ميثاقهم على أن يبشر بعضهم ببعض: يبشر نوح بإبراهيم، وإبراهيم بموسى، وموسى بعيسى، وعيسى بمُحَمَّد، عليهم الصلاة والسلام.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: أخذ ميثاقهم؛ ليصدق بعضهم بعضا، وأن يدعوا إلى عبادة اللَّه، وأن ينصحوا لقومهم.
وجائز أن يكون ما ذكر من أخذ الميثاق منهم لما ذكر على أثره: (لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ): أخذ منهم الميثاق في تبليغ الرسالة إلى قومهم؛ ليسألهم عن صدقهم أنهم قد بلغوا.
(وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا).
لأن تبليغ الرسالة إلى الفراعنة منهم وأعداء اللَّه صعب شديد، مخاطرة، فيه هلاك النفس وفوات الروح، وهو ما قال: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ. . .) الآية.
وقوله: (لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا (٨)