وقوله: (وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ).
بالرجوع إلى المدينة، كقوله: (إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ).
وقوله: (يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ).
قال بعض أهل التأويل: (بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ): خالية من الناس، ليس فيها أحد، فنخاف السرق عليها والأخذ والمكابرة.
ويحتمل أن يكونوا أرادوا بالعورة دخول العدو عليها إذا كانوا هم في الجند، العورة، أي: يدخل علينا مكروه ما يحزننا ويهمُّنا، أو كلام نحو هذا، فأكذبهم اللَّه في قولهم، وقال: (وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ)، بل اللَّه يحفظها على ما وعد، حتى لا يدخل عليهم مكروه لما يخافون ولا يصيبهم.
وقوله: (إِنْ يُرِيدُونَ)، أي: ما يريدون (إِلَّا فِرَارًا) من القتال.
وقوله: (وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا (١٤) هذا يحتمل وجهين:
أحدهما، أي: لو دخلوا عليهم من أطراف المدينة ونواحيها، ثم دعوا إلى الشرك لأجابوهم، (وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا)، أي: لم يمتنعوا عن إجابتهم، بل لأجابوهم به كما دعوا.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: إنهم لو كانوا في بيوتهم، فدخلوا عليهم من نواحيها، ثم سئلوا الأموال وما تحويه أيديهم (لَآتَوْهَا)، أي: لأعطوها.
(وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا).
يخبر عن نفاقهم وخلافهم له في السر أنهم يعطون لأُولَئِكَ ما يريدون من الأموال أو الدِّين، ويوافقونهم ولا يوافقونكم ألبتَّة، واللَّه أعلم.
وقوله: (وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولًا (١٥)
قَالَ بَعْضُهُمْ: كان أناس غابوا وقعة بدر وما أعطى اللَّه أصحاب بدر من الفضيلة والكرامة؛ فقالوا: لئن شهدنا قتالا لنقاتلنَّ؛ فساق اللَّه ذلك إليهم حتى كان في ناحية المدينة.