لكن هذا بعيد، وأصله: (فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ) أي: لا تقلن قولا يعرف به الرغبة في الرجال، والميل إلى الدنيا، والركون فيها (وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا): ما يكون فيه تغيير المنكر والأمر بالمعروف، واللَّه أعلم.
وقوله: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ... (٣٣)
قد قرئ بكسر القاف وفتحها، فمن قرأ بالكسر فهو من الوقار، ومن قرأ بالفتح: (وَقَرْنَ) جعله من القرار والسكون فيها.
وقوله: (وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى).
قَالَ بَعْضُهُمْ: تبرج الجاهلية الأولى قبل أن يبعث رسول اللَّه؛ كان يخرج نساؤهم متبرجات بزينة مظهرات، فأمر اللَّه أزواج رسوله بالستر والحجاب عليهن، وإدناء الجلباب عليهن، وهو ما قال: (يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ).
وقَالَ بَعْضُهُمْ: (وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى) قال. الجاهلية التي ولد فيها إبراهيم، أعطوا أموالا كثيرة، وكن يتبرجن في ذلك الزمان تبرجًا شديدًا؛ فأمر أزواجه بالعفة والترك لذلك، فلسنا ندري ما أراد بالجاهلية، ومن أراد بذلك: الذين كانوا بقرب خروج رسول اللَّه وبعثه، أو الذين كانوا من قبل في الأمم السالفة؟
والتبرج كأنه هو الخروج بالزينة على إظهار لها؛ أعني: إظهار أن زينة.
قَالَ الْقُتَبِيُّ: (فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ) أي: لا تلنّ به.
وقوله: (وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا) أي: صحيحًا.
وقوله: (وَقِرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) بالكسر من الوقار، ويقال: وقر في منزله يقر وقورًا، (وَقَرْنَ) بفتح القاف من القرار، وكأنه من: قر يقر أراد أقررن في بيوتكن، فحذف الراء الأولى وحول فتحها إلى القاف، كما يقال: ظلن في موضع كذا، من اظللن؛ قال اللَّه - تعالى -: (فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ)، ولم نسمع قَرَّ يَقِزُ إلا في موضع قرة العين، فأما في الاستقرار فإنما هو قَزَ يَقَرُّ.
وقوله: (وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَا) يحتمل أن يكون الأمر لهن بإيتاء الزكاة من حليهن؛ لأنهن لا يملكن شيئًا سوى ذلك ما يجب في مثله الزكاة؛ ألا ترى أنه وعد لهن التمتيع والسراح الجميل إذا أردن الحياة الدنيا وزينتها، فلو كان عندهن شيء من فضول الأموال كن ينفقن ويتمتعن، وإن لم يكن عند رسول اللَّه ما يمتعهن ولا يطلبن ذلك من