(وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا).
يعني: في خلق السماوات والأرض، وحفظهما، من تعبدون من دونه.
(مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ).
أي: من عونٍ في ذلك؛ فكيف سميتموها: آلهة وشركاء في العبادة.
وقوله: (وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (٢٣)
يقول - واللَّه أعلم -: لا يملك أحد الشفاعة إلا لمن أذن اللَّه بالشفاعة له، فهو لم يأذن بالشفاعة لأحد من الكفرة؛ فذكر هذا - واللَّه أعلم -:
لقولهم: (هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ)، ولقولهم: (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى).
أو يذكر أن كل من ترجون منهم الشفاعة بالمحل الذي ذكرهم من الخوف والفزع؛ فكيف ترجون شفاعتهم؟! كقوله: (حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ).
أو لا يملكون مثقال ذرة ولا أصغر منه ولا أكبر؛ فكيف يملكون الشفاعة لكم؟! أو نحوه من الكلام، واللَّه أعلم.
وقوله: (حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ).
ليس لهذا الحرف في ذا الموضع صلة يوصل بها، ولا تقدم بعطف عليه، وعلى الابتداء: لا يستقيم؛ فبعض أهل التأويل يقول: كان بين عيسى ومُحَمَّد فترة زمان طويل لا يجري فيها الرسل، فلما بعث اللَّه محمدا، وكلم جبريل بالرسالة إلى مُحَمَّد، سمع الملائكة ذلك؛ فظنوا أنها الساعة قامت؛ فصعقوا مما سمعوا، فلما انحدر جبريل جعل كلما يمر بهم - جلّى عنهم وكشف؛ فقَالَ بَعْضُهُمْ لبعض: (مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ)، أي: الوحي.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: كان الوحي إذا نزل من السماء نزل كأنه سلسلة على صخرة، قال: