والجحيم: قيل: هو معظم النار وغلظها، يقال: أجحمت النار، أي: أعظمتها، يقال: نار جحيمة، أي: عظيمة.
وقوله: (طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ (٦٥)
اختلف فيه:
قَالَ بَعْضُهُمْ: إن نوعًا من الحيَّات يسمين: شياطين، لها رءوس سود قباح، لها عرف كعرف الفرس، وأشبه، طلع تلك الشجرة وثمرتها لقبحها وسوادها برءوس من تلك الحيات، واللَّه أعلم.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: هو نوع من النبات بالبادية يستقبحه الناس أشد الاستقباح، شبه طلع تلك الشجرة وثمرتها بذلك النبات.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: إن جبالا بمكة سود قباح يستقبحها أهل مكة سموها: شياطين، شبه ثمار تلك الشجرة وطلعها برءوس تلك الجبال، واللَّه أعلم.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: لا ولكن حقيقة رءوس الشياطين؛ لأن اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - جعل للشياطين في قلوب أُولَئِكَ الكفرة فضل بغض وقبح والنفار منها وإن لم يروها ولم يعاينوها، فشبه طلع تلك الشجرة برءوس الشياطين؛ لفضل إنكارهم وبغضهم إياها حقيقة، وفي ذلك آية عظيمة لرسالته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -؛ لأنهم لم يروا الشياطين ببصرهم ولا عرفوهم معاينة، وإنَّمَا عرفوهم بأخبار الرسل - عليهم الصلاة والسلام - وبها استنكروها واستقبحوها وهم قوم لا يؤمنون بالرسل - عليهم السلام - فإذا قبلوا أخبار رسل الله فيهم، لزمهم أن يقبلوا قولهم في الرسالة وفي جميع ما أخبروا، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ):
يحتمل قوله: (فِتْنَةً)، يعني به: الشجرة التي أنشئت من أصل الجحيم، وهي شجرة الزقوم أجعلها، عذابًا للظالمين، يعني به: الشجرة؛ كقوله: (يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ)، أي: يعذبون، (ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ) أي: عذابكم، (هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ).
ويحتمل قوله: (جَعَلْنَاهَا)، أي: تلك الشجرة: الزقوم، (فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ) في الدنيا وجهة القصة بها لهم: هو إنكارهم إياها من الجهة التي ذكروا: أن النار تحرق وتأكل