ثم أخبر أنه نبي من الصالحين.
يحتمل قوله - تعالى -: (نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ): نبيا من السلف؛ كقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ)، أي: نبيا نصيره ونجعله من الأنبياء؛ كقوله - عز وجل -: (هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى).
ويحتمل أن تكون البشارة في الولادة أي: في الولد الذي سأل ربه.
ويحتمل أن بشر له بنبوته، أو بشر لهما بهما بالولادة وبالنبوة جميعًا، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ ... (١١٣)
البركة هي اسم كل خير لا يزال على الزيادة والنماء.
أو يقول: إن البركة شيء من أعطى كان لا تبعة عليه، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ).
(مُحْسِنٌ) أي: مؤمن مصدق (وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ)، أي: كافر، وهو ما قال - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا)، فقال إبراهيم - عليه السلام -: (وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)، أخبر أن في ذريته من لا ينال عهده كما ذكر هاهنا: أن في ذريته محسنًا وهو مؤمن وظالم لنفسه مبين، أي: كافر ظاهر مبين.
أو أن يكون قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (مُحْسِنٌ) إلى نفسه، أو محسن إلى الناس، وهو إسحاق، وإن ثبت ما روي أن رجلا سأل فقال: يا رسول اللَّه، أي الناس أكرمهم حسبًا؟ قال: " يوسف صديق اللَّه ابن يعقوب إسرائيل اللَّه ابن إسحاق ذبيح اللَّه ابن إبراهيم خليل اللَّه " فهو ذاك، وإلا فلا حاجة لنا إلى معرفة ذلك أنه فلان أو فلان؛ إذ لو كان لنا إلى بيان ذلك حاجة لبين وأزال الإشكال واختلاف الناس في ذلك والتكلم فيه فضل وتكلف؛ إذ لا يحتمل أن يكون بالناس حاجة إلى معرفة ذلك وبيانه، ثم لا يبين لهم ولا يعرف ذلك، فدل ترك التنازع لذلك على أن لا حاجة لهم إلى ذلك، واللَّه أعلم.
وقال أَبُو عَوْسَجَةَ والْقُتَبِيّ: الذبح: الكبش واسم ما يذبح، والذبح بنصب الذال مصدر ذبحت؛ هذا قول الْقُتَبِيّ.