ونهيَه، وقالوا: نجعل ذلك اليوم السبت؛ لأَنه لم يُخلق لعمل. فحرم الاصطياد في ذلك اليوم لذلك وحولوا قردةً؛ عقوبة لهم لما نهوا عن الاصطياد في ذلك اليوم فاصطادوا.
وعلى ذلك تأْويل قوله: (إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ)، يعني: يوم الجمعة.
وقيل: (اخْتَلَفُوا فِيهِ)، يعني: في اللَّه.
ثم اختلف في قوله: (فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ):
قال قوم: قوله: (كُونُوا قِرَدَةً) من الأصل؛ على ذهاب الإنسانية منهم.
وقيل: حَوَّل جَوْهَرهم إلى جوهر القردة، على إبقاءِ الإنسانية فيهم؛ من الفهم والعقل؛ لأَنه قيل: إن الذين كانوا يَنْهَوْنهم عن الاصطياد في ذلك اليوم دخلوا عليهم، فيقولون لهم: أَلم نَنْهكم عن ذلك، ونزجزكم؟!
فَآومئوا: أَي نعم. ودموعهم تفيض على خدودهم.
فلو كان التحويل على ذهاب جميع الإنسانية منهم لكانوا لا يفهمون ذلك، ولا حزنوا على ما أَصابهم؛ لأَن كل ذي جوهر راضٍ بجوهره الذي خلقه اللَّه سبحانه يُسَرُّ به.
ولأَن تحويله إياهم قردةً عقوبةٌ لتمردهم في التكذيب، وجرأتهم على اللَّه؛ ليعلموا ذلك، ويروا أَنفسهم أَقبحَ خلقِ اللَّه وأَوحشَه.
وفيه نقض قول المعتزلة؛ لأَنهم يقولون: ليس في خلق اللَّه قبيح.
فلو لم يكن في خلق اللَّه قبيح لم يكن لتحويل صورتهم من صورة الإنسان، إلى أَقبح صورةٍ معنًى؛ ليروا قبح أنفسهم؛ عقوبةً لهم بما عَصَوْا أَمر اللَّه، ودخلوا في نهيه.
وقوله: (فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا (٦٦)
قيل: الهاء راجعة إلى القرية التي كانوا فيها.
وقوله: (لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا).
من أَهل القرية.
وقوله: (وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ).
حواليها.
وقيل: أَراد بالهاءِ: القرية، (لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا) من القرى، (وَمَا خَلْفَهَا) من القرى.