تلك التمويهات له، واللَّه أعلم.
ويحتمل أن فرعون قال ذلك؛ لما رأى أن البركات والخيرات تنزل من السماء؛ فظن أنه في السماء.
ثم اختلف في الأسباب: قَالَ بَعْضُهُمْ: أسباب السماوات: أبوابها.
ويحتمل أسباب السماوات: هي الطرق التي تصعد إلى السماء.
وحقيقة الأسباب: هي ما يوصل بها إلى الأشياء ويقصد إليها، وقد علم اللعين أنه لا يصل إلى ذلك بما ذكر من بناء الصرح، لكنه أراد بذلك ما ذكرنا من التمويهات والتلبيس على قومه، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا ... (٣٧)
قال هاهنا: (لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا) بعدما قطع القول فيه: إنه كاذب وإنه كذاب؛ ليعلم أنه على حق، وأنه صادق، لكنه يموه بذلك على قومه.
وقوله: (وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ).
قَالَ بَعْضُهُمْ: أي: زين الشيطان عليه سوء عمله.
ويحتمل أن يقال: زين له سوء عمله بالأتباع وكثرة الأموال والحشم الذي أعطي له، زين له سوء عمله بالأسباب التي أعطيت له، فيكون اللَّه تعالى مزينًا له سوء عمله بإعطاء الأسباب.
ويحتمل زين له سوء عمله، أي: خلق في طبعه أن يرى ذلك حسنا مزينًا وإن كان قبيحًا في نفسه حقيقة على ما تقدم ذكره.
وقوله: (وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ).
وقرئ: (صَدَّ) بالفتح، فمن قرأ بالفتح فله معنيان:
أحدهما: صَدَّ هو بنفسه صدودًا. والثاني: صد هو الناس عن سبيله صدًّا.
ومن قرأ (صُدَّ) بالضم، أي: لم يوفق، ولم يرشد؛ لما علم منه اختيار صده.
وقوله: (وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ).
أي: في خسار، التباب: الخسار، يقال في قوله: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ): أي: خسرت، ويقال: تبًّا له، أي: هلاكا له، وقيل: تبت يد الرجل، أي: خابت.
ثم أخبر عما ذكر ووعظ ذلك الرجل المؤمن من آله، وهو قوله تعالى: (وَقَالَ الَّذِي