كتبًا، فجعلوها في البيوت، فاستخرجوا الكتب التي كتبت لهم الشياطينُ من السحر، فقالوا: هذا ما كان يعمل به سليمان. فأنزل اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ. . .) والآية.
فلا ندري كيف كانت القصة، غير أن اليهود تركت كتب الأَنبياءِ والرسل، واتبعوا كتب الشياطين وما دعوهم إليه من السحر والكفر، وباللَّه التوفيق.
وفيه دلالةُ رسالة مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -؛ بما أَخبرهم عن قصتهم -على ما كان- فدل أَنه كان عرف ذلك باللَّه عَزَّ وَجَلَّ.
وفي ذلك أَن قد نسب إلى سليمان ما برأَه اللَّه عنه من غير أَن يُبين ماهيته.
ذكره اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لوجهين: دلالة لرسوله، وتكذيبًا للذين نَحَلوه بما هو كفر.
وقوله: (عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ).
أي: في ملكه؛ إذ كان ذلك الوقت هو وقت ظهورهم، ثم سخرهم اللَّه لسليمان، فأَمكن ذلك منهم.
أَلقاهُ على أَلسن المعاندين لسليمان في الشر؛ فَروَوْه عنه بعد الوفاة؛ فكذبهم اللَّه - عز وجل - وبرأَ نبيَّه - عليه السلام - عن ذلك، وبين كيف كان بَدْؤُه.
فإِنما بينها للخلق؛ لئلا يتبعوا في الرواية كل من لقي النبي؛ إذ قد يكون من أَمثالهم: اختراعُ الرواية، وإلزامُ السامعين الأُمورَ المعتادة من الرسل، ورد ما لا يوافق ذلك من الرواية؛ ولذلك أَبطل أَصحابُنا خبر الخاص فيما يُبلى به العام.
وقوله: (وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ).
قيل: (وَمَا أُنْزِلَ) على النفي، والجحد، معطوفًا على قوله: (وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ).
وقيل: (وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ): والذي أُنزل على الملكين بِبَابل.
وقيل: سميت بابل لما تبلبلت به الأَلسن، يعني: اختلفت؛ فلا يعلم ذلك إلا بالسمع.
ثم اختُلِفَ في " هاروت " و " ماروت ":
فقال الحسن: لم يكونا ملكين، ولكنهما كانا رجلين فاسقين متمردين؛ وذلك أَن