على ما هو الأصل، وفي كل خير أنه يبتدأ باسم اللَّه تعالى؛ امتثالا لحديث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: " كل أمر ذي بال لم يبدأ باسم اللَّه فهو أبتر ".
وقَالَ بَعْضُهُمْ: (ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ)، أي: سالمين عن الخوف والحزن، لا آفة تصيبكم فيها، وهو كقوله: (ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ)، عن الخوف والحزن.
ويحتمل ادخلوها ولا كلفة عليكم، ولا أمر، ولا محنة، سوى الثناء على اللَّه تعالى والحمد له، وتسليم بعضكم على بعض؛ بل تسقط عنكم جميع المحن والأوامر التي عليكم في الدنيا، وذلك كقوله تعالى: (وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)، وكأنه لا شيء ألذ في الدنيا على أهل الإيمان من الثناء على اللَّه تعالى وتسليم بعضهم على بعض؛ فلذلك أبقى ذلك في الجنة، وأسقط ما وراء ذلك، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ - (ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ):
يحتمل: أي: ذلك يوم الخلود لأهل الجنة بالسرور والراحة، ولأهل النار بالعقوبة والعذاب.
ويحتمل: أي: يوم لا انقطاع لذلك الذي وعدوا، وهي الجنة، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ (٣٥) أي: لهم ما يختارون فيها، لا يجبرون، ولا يكرهون فيها على شيء؛ إذ المشيئة هي صفة كل فاعل مختار.
وإن كانت المشيئة مشيئة التمني والتشهي، فكأنه قال: لهم ما يتمنون، ويتخيرون كقوله: (وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ)، وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ)، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ) قال بعض أهل التأويل: بأنه تأتيهم سحابة فتمطرهم كل ما يشاءون، وذلك هو المزيد لهم في الجنة.