وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ).
أي: ليسوا هم بخالقين.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ... (٣٦) أي: يعلمون أنهم لم يخلقوهما.
وقوله: (بَلْ لَا يُوقِنُونَ) يخرج على وجهين:
أحدهما: أن ما يقولون إنما يقولون على الظن لا على اليقين.
والثاني: (بَلْ لَا يُوقِنُونَ) أي: لا يصدقون، وذلك في قوة علم اللَّه تعالى بأنهم لا يؤمنون.
فإن كان التأويل هذا، ففيه دلالة إثبات الرسالة؛ حيث أخبر عن الغيب.
وإن كان التأويل هو الأول، ففيه أن جميع ما يقولون، إنما يقولون على الظن والجهل، لا على اليقين، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ (٣٧) أي: ليس عندهم خزائن ربك؛ على ما ذكرنا في قوله تعالى: (أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ) أي: لم يخلقوا؛ فعلى ذلك هذا: ليس عندهم خزائن ربك، ولا هم المصيطرون.
ثم الآية تحتمل وجوها أيضًا:
تحتمل (أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ)، أي: الذي منعهم عن اتباع رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - هو المنعة التي عندهم، ليس ذلك عند رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -؛ فيكونون هم لذلك أحق بالرسالة، أي: ليسوا بأحق.
ويحتمل قوله تعالى: (أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ) أي: علم الغيب، أطلعوا على ذلك فعلموا أن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قد تَقَوَّلَ على اللَّه تعالى؟! أي: ليس لهم علم الغيب.
ويحتمل (أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ)، أي: علم الغيب، ليس ذلك عند رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، بل عند رسوله ما يخبره ربه - جل وعلا - ليس عندهم شيء من ذلك.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ).
أي: ليس هم المسلطين على أرزاقهم، ولا أرزاق غيرهم.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: المسيطر: الرب تعالى، يقال: سيطر فلان، أي: صار ربا؛ وهو قول الْقُتَبِيّ.
وقال الزجاج: المسيطر: المسلط؛ يقال: سيطر، أي: تسلط.
وقال أبو بكر: المسيطر: الغالب القاهر، لكن الغلبة والقهر بالحجة عليهم، وهذا يخرج على المقابلة برسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - ما ذكر، ويحتمل على غير المقابلة، واللَّه أعلم.