سعى؛ لأنه - جل وعلا - يثيب ويعطي الزيادة على ما سعى بفضله وكرمه؛ كقوله - تعالى -: (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا)، ونحو الصغار الذين لا سعي لهم، قد يعطيهم الثواب بفضله، وأما جزاء الشر، فإنه لا يكون إلا بالمثل؛ كقوله - تعالى -: (فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا).
وجائز أن يكون " له " بمعنى " عليه " في اللغة؛ كقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا)، أي: فعليها.
ويحتمل أن تكون الآية في أُولَئِكَ الكافرين الذين نزل فيهم قوله - تعالى -: (أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) يقول: ليس لذلك الإنسان إلا ما سعى.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (٤٠) وحرف (سَوفَ) من اللَّه - سبحانه وتعالى - على التحقيق والإيجاب؛ كحرف " لعل " و " عسى "؛ فيكون قوله - تعالى -: (سَوفَ يُرَى) أي: يرى جزاء عمله لا محالة.
ثم قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى (٤١) جزاء الآخرة على الوفاء، لا نقصان فيه، خيرا كان أو شرًّا.
ويحتمل أن يكون ذلك للكافر يجزى جزاء الشرك وجميع ما يعمل من السوء، فأما المؤمن، فإنه يكفر سيئاته، ويجزى جزاء الخيرات؛ كقوله - تعالى -: (أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ).
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى (٤٣) سمى الآخرة: منتهى، ومصيرًا، ورجوعا.
ويحتمل: أي: إلى جزاء ربك يُنْتهى.
وقوله: (وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى) بين اللَّه - جل وعلا - قدرته وسلطانه في إنشاء أنفسهم، وأحوالهم، وأفعالهم:
أما بيان قدرته في أنفسهم حيث قال: (هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ).
وأما بيان قدرته في أحوالهم ما ذكر من قوله - تعالى - (وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى)، (وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا).
وأما في أفعالهم قوله: (وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى) يذكر قدرته وسلطانه بما ذكر؛ ليعلموا أنه لا يعجزه شيء.
ثم قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى) يخرج على وجهين: