امرأة لوط هي أن أخبرت قوم لوط بشأن أضيافه.
ولكن إن كان هذا صحيحا، فهو يرجع إلى الأول؛ لأن الذي حمل كل واحدة منهما على الإخبار بما أخبرت موافقَتُهَا أُولَئِكَ القوم وخلافها لزوجها في الدِّين، ولا يجوز أن نشهد بهذا إلا بتواتر جاء.
وذكر بعضهم: أنهما زنيا، فخيانتهما زناهما، وهذا غير ثابت؛ لأن الأنبياء - عليهم السلام - عصموا عما يوجب عليهم العار والشنار، والزوج يعير بزنى زوجته وفراشه، وفيه توهم التهمة في أولادهم؛ فدل أن هذا التأويل غير صحيح، وحاجتنا إلى وجود الخيانة منهما دون التفسير، ولا يجب أن نشهد بهذا إلا بتواتر جاء مزيدًا في الحجة.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (١١).
وجه ضرب المثل بها هو أن يعلم المقهور تحت أيدي الكفرة أن لا عذر له في التخلف عن الإيمان باللَّه تعالى؛ إذ كانت امرأة فرعون مقهورة تحت يديه، وكانت بين ظهراني الظلمة، ولم يمنعها ذلك عن الإيمان باللَّه - تعالى - وعن التصديق برسوله موسى - عليه السلام -.
والثاني: أنها لم تشاهد من زوجها ومن القوم الذين بين ظهرانيهم سوى الكفر بالله تعالى، ثم اللَّه تعالى بلطفه ألهمها الإيمان به فآمنت، وكانت امرأة نوح - عليه السلام - تحت نوح ولم تشاهد منه سوى الطاعة والعبادة لربه - جل وعلا - ثم لم ينفعها إيمانه وعبادته؛ ليعلم أنه لا ينفع أحدا إسلام أحد، ولا يضر أحدا كفر غيره، وإنما يصير مؤمنا بفعل نفسه كافرا بفعل نفسه.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ).
وهي لم ترد بقولها: (ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا) بقيام الوجه الذي عرفت بناء زوجها وغيره من الخلائق، وإنما أرادت بقولها: (ابْنِ لِي)، أي اخلق لي بيتا في الجنة ولذلك لم يفهم أحد من قوله: (فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا) ما فهم الخلق من النفخ في الأشياء، وإنما فهموا به الخلق والإنشاء، فما بال المشبهة فهموا من قوله تعالى: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ)، ومن قوله: (ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ)، ما فهموا من