وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (١٧).
أي: ستعلمون حال نذري الذين أنذروكم بالعذاب أنهم كانوا محقين فيه ولم يكونوا كاذبين كما زعمتم.
أو ستعلمون ما أنذركم به إذا وقع العذاب.
وقوله: (وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (١٨).
يذكرهم حال من تقدمهم من المكذبين وما حل بهم من النكير؛ ليرتدعوا عن التكذيب؛ فلا يحل بهم ما حل بأُولَئِكَ.
ثم قوله: (فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ) أي: كيف كان إنكاري عليهم أليس وجدوه شديدا وحقا؟!
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ (١٩).
قيل: صافات بأجنحتها لا يتحرك منها شيء، ويقبضن فما يمسكهن إلا اللَّه تعالى في الحالين جميعًا، أعني: القبض والبسط.
وقال في آية أخرى: (أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)، والجو: هو الهواء.
ثم قوله: (لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)، أي: لآيات للمؤمنين على الكفرة، وهكذا شأن الآيات إنما جعلت آيات للمؤمنين والأولياء على الكفرة والأعداء؛ لأن الكفرة تصل إليهم الآيات على ألسن الرسل والأنبياء والأولياء، فجعلت الآيات آيات للمؤمنين؛ ليحتجوا بها على أهل الكفر.
ثم الهواء ليس بمكان يمسك ما عليه من الأشياء مثل السماء والأرض فيما أنشئتا على حد يمسكان الأشياء ويقر عليهما الخلائق، وإذا كان كذلك فإن اللَّه تعالى بلطفه أمسك الطير وقت طيرانها ووقت قبضها في الهواء، ومن قدر على إمساك الطير مع ثقله وتقريره في مكان لا تقر فيه الأشياء، لقادر على ما يشاء.
ثم في هذه الآية إنباء: أن لله تعالى في أفعال الطير صنعا وتدبيرا على ما يشاء؛ لأن