سورة (ن والقلم) وهي مَكِّيَّة
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قوله تعالى: (ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (١) مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (٢) وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ (٣) وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (٤).
قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (ن)، اختلف في تأويل نون:
فمنهم من يقول: هو الحوت؛ كقوله: (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا)، فنسبه إلى النون وهو الحوت؛ ألا ترى إلى قوله: (فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ).
ومنهم من يقول: " النون " هو الدواة، فتأويل هذا على جهة الموافقة؛ لأنه ذكر القلم وما يسطر به، فلم يبق هاهنا سوى الدواة؛ فحمله على الدواة؛ لأجل الموافقة، لا أن يكون فيه معنى يدل على إرادة الدواة منه، واللَّه أعلم.
ومنهم من يقول: هي فارسية معربة " أنون كن "، أي: اصنع ما شئت، يقال هذا عند الإياس: أن المرء إذا أيس عن آخر قال له: اصنع ما شئت إذن. ومنهم من يقول: هو من الحروف المقطعة، ويشبه أن يكون كذلك؛ لأنه ذكر القلم وما يسطر على أثره، وإنما يكتب بالقلم ويسطر الحروف المعجمة، فأخبر - تعالى - عظيم صنيعه ولطفه بإنشائه هذه الحروف وخلقه القلم وما يسطر عليه؛ حيث يوصل بها إلى معرفة الحكمة وكل ما يكون به المصلحة من الدِّين والدنيا، بل جعل قوام الدِّين والدنيا بها.
ومنهم من يجعل كل حرف من الحروف المعجمة اسما من أسماء اللَّه تعالى، أو افتتاح اسم من أسمائه، وكذلك يُروى عن بعض الصحابة - رضي اللَّه عنهم - أنه قال