وقوله: (وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٣٥) قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا. . .) الآية.
فالآية تنقض على من يستثني في إيمانه؛ لأَنه أَمرهم أَن يقولوا قولا باتًّا، لا ثُنْيا فيه ولا شك.
وكذلك قوله: (فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ)
ثم يحتمل: أن يكون هذا ردًّا على أُولئك الكفرة، حيث فرقوا بين الرسل، آمنوا ببعضهم وكفروا ببعض. وكذلك آمنوا ببعض الكتب وكفروا ببعضها؛ فأَمر اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - المؤمنين، ودعاهم: إلى أن يؤمنوا بالرسل كلهم، والكتب جميعًا، لا يفرقون بين أَحد منهم، كما فرق أُولئك الكفرة.
ويحتمل: أَن يكون ابتداء تعليم الإيمان من اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - لهم بما ذكر من الجملة.
ثم اختلف في الحنيف:
قيل: الحنيف: المسلم.
وقيل: الحنيف: الحجاج.
وقيل: كل حنيف ذكر بعده مسلم فهو الحجاج، وكل حنيف لم يذكر بعده مسلم فهو مسلم.
وقيل: الحنيف: المائل إلى الحق والإسلام.
وقوله: (فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا (١٣٧)
رُويَ عن ابن عَبَّاسٍ - رضي اللَّه عنهما - قال: لا تقرأ (فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ)؛ فإِن اللَّه ليس له مثل، ولكن اقرأ: (فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ)، أو (بما آمنتم به). وكذلك في حرف ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: (فإن آمنوا بما آمنتم به)، تصديقًا لذلك.
وعلى ذلك قوله: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)، إِن الكاف زائدة، أي: ليس