ومنهم من يصرف الألف إلى تقدير عروج الخلائق إلى السماء في ذلك اليوم، ويصرف قوله: (خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) إلى تقدير المقام للحساب قبل أن يدخلوا النار.
وجائز أن يكون تأويله على ما ذكره بعض أهل التفسير، وهو أن اللَّه تعالى لو جعل حساب الخلق يومئذ إلى الخلق، فتكلفوا أن يفرغوا من حسابهم، لن يفرغوا منه إلا في مقدار خمسين ألف سنة، لكن اللَّه تعالى بلطفه يحاسبهم حسابا يفرغون منه في أدنى في وقت حتى يصير أهل الجنة إلى الجنة وأهل النار في النار؛ على ما جاء في الأخبار، وذلك قوله: (وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ).
فَإِنْ قِيلَ في قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ)، أن كيف قدر ذلك بصعودنا، ونحن لم يمكن لنا من الصعود، ولم ننشأ على ما في طبعنا إنشاء الصعود حتى ننظر: أنه ألف سنة أو أقل أو أكثر.
وجوابه أن يقال: إن تأويله - واللَّه أعلم -: أنه لو بسط ما بين السماء والأرض، وصار بحيث يمكن السير عليه، لم يقطع ذلك المسير إذا احتجنا إلى قطعه إلا بألف سنة مما تعدون.
وجائز أن يكون تأويله: أن لو جُعل لنا إلى السماء بابٌ، وفتح، وظللنا نعرج إليها لم نتوصل إليها إلا في ألف عام.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا (٥) قيل: الصبر الجميل هو صبر لا جزع فيه، والصبر الذي لا جزع فيه هو أن يصبر صبرا لا يرى عليه أثر الصبر، بألا يظهر في وجهه كراهة، ولا عبوسة، وهو أن ينظر إلى من آذاه بعين الرضا والشفقة، ليس بعين السخط والكراهة.
أو الصبر الجميل ألا يكافئهم، ولا يدع شفقته ورحمته عليهم بما يؤذونه، وقد كان - عليه السلام - كذلك مشفقا بهم رحيما، حتى بلغت شفقته ورحمته وحزنه على كفار قومه مبلغا كادت نفسه تهلك فيها، كما قال اللَّه، تعالى: (فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ