لاهٍ؛ كقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ)، أي: من يعمل في الحياة الدنيا للدنيا لا للآخرة فهو لاعب لاهٍ، وكأن هذه الآية صلة قوله تعالى: (فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ) الآية، أمره بألا يشتغل بأُولَئِكَ ويقبل على من يرجو منهم الإيمان.
أو أمره بألا يشتغل بمكافأتهم بسوء صنيعهم؛ فإن اللَّه سينصره عليهم ويكافئه عنهم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ) قد لاقوا ذلك اليوم وهو يوم بدر، وسيلاقون اليوم الثاني وهو يوم الآخرة.
وقوله تعالى: (يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا ... (٤٣) يخبر أنهم يخرجون من الأجداث، وهي القبور سراعًا إلى الداعي، والذي يحملهم على الإسراع هو أن أنفسهم أبت إجابة الداعي في الدنيا؛ فنزل بهم الهلاك بتركهم الإجابة، فيسارعون في ذلك اليوم إلى إجابة الداعي؛ رجاء أن يتخلصوا من العذاب الذي حق عليهم بترك الإجابة، وذلك لا ينفعهم وإن وجدت منهم التوبة والرجوع عن تلك الإجابة؛ لأن ذلك اليوم ليس بيوم ينفع فيه الندامة والتوبة، وإنَّمَا هو يوم تجزى فيه كل نفس بما كسبت؛ وهذا كقوله: (فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ)، فأخبر أنهم يفزعون إلى الإيمان باللَّه تعالى لما أيقنوا أنهم إنما حل بهم البأس بإعراضهم عن الإيمان، ففزعوا عند إيقانهم بالعذاب إلى الإيمان؛ رجاء أن يتخلصوا من العذاب، فلم ينفعهم ذلك ولم يغنهم من عذاب اللَّه شيء؛ إذ ذلك الوقت ليس بوقت قبول التوبة، فيكون هذا تحريضا بالإسراع إلى إجابة الداعي والإيمان بما يدعو إليه قبل أن يؤمنوا إيمانا لا ينفعهم، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ).
قرئ بنصب النون، وجزم الصاد، وهو اسم العلامة كالغرض وأشباهه.
وقرئ بضم النون والصاد، وهو اسم الصنم.
فإن كان على العلامة، فمعناه: أنهم يسارعون في ذلك الوقت إلى إجابة الداعي مسارعة من يسارع في هذه الدنيا إلى الغرض والعلامة المنصوبة؛ كذا قاله بعض أهل التأويل.
وذكر عن الكلبي (إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ): إلى علم يسعون.
وقال قتادة: إلى علم يستبقون.