سُورَةُ الْقِيَامَةِ، وهي مَكِّيَّة
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قوله تعالى: (لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (١) وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (٢) أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ (٣) بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ (٤) بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ (٥) يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ (٦) فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ (٧) وَخَسَفَ الْقَمَرُ (٨) وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (٩) يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (١٠) كَلَّا لَا وَزَرَ (١١) إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ (١٢) يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ (١٣) بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (١٤) وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ (١٥).
قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (١) وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ)، اختلف في تأويله:
فمنهم من ذكر: أنه أقسم اللَّه تعالى بيوم القيامة، ولم يقسم بالنفس اللوامة، ذكر ذلك عن الحسن، ويكون معناه: لأقسم بيوم القيامة ولا أقسم بالنفس اللوامة.
لكن ذكر عنه أنه يقول في قوله تعالى: (لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ. وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ. وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ): إن القسم يقع على البلد ووالد وما ولد، والوالد هو آدم عليه السلام، وما ولد جملة أولاده عليه السلام، فإذا كان القسم جائزا بالوالد والمولود جميعا، كانت النفس اللوامة داخلة في جملة المولود فقد أقسم بالنفس اللوامة عنده؛ فلا معنى للرد هاهنا ثم موقع " لا " في قوله: (لَا أُقْسِمُ) وتأويله - يذكر في قوله: (لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ) في سورة يذكر فيها الكبد.
ومنهم من ذكر أن القسم وقع بهما جميعا، ولله تعالى أن يقسم بما شاء من خلقه.
ثم صرف بعض أهل التأويل معنى القسم إلى قوله تعالى: (أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ)، وجعله موضع القسم، فإن كان على هذا، فالإشكال عليه أن يقول قائل: كيف أكد أمر البعث، وجمع العظام بالقسم بيوم القيامة، وقد جرى من القوم الذين احتج عليهم بهذه الآية الإنكار بيوم القيامة، فكأنه أكد القسم بشيء جرى به الإنكار؟