نحو الولد وغيره فيقولون عند موت هَؤُلَاءِ: إن ذكرهم قد انقطع، فأخبر اللَّه تعالى نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أنهم مذكورون في ملأ الملائكة.
وقال الحسن: إن أرواح المؤمنين تعرض على الجنان، وتعرض أرواح الكفرة على النيران، فيكون لأرواح الشهداء فضل لذة ما لا يكون لغيرهم من الأرواح. ويكون لأرواح آل فرعون فضل ألم بعرضها على النار ما لا يكون لغيرهم من الكفرة ذلك، فاستوجبوا اسم الحياة بفضل لذة ما يجدون من اللذة على غيرهم.
أخبر عَزَّ وَجَلَّ: أن أرواح الشهداء في الغيب تتلذذ مثل تلذذهم على ما كانت عليه في الأجساد في دنياهم هذه.
وقيل: إن الشهيد حي عند ربه، كما عرف في اللغة: أن الشهيد هو الحاضر، أخبر عَزَّ وَجَلَّ أنهم حضور عند ربهم وإن غابوا عنكم.
وقيل: إن الحياة والموت على ضروب:
فمنها: الحياة الطبيعية، والحياة العرضية، والموت الطبيعي، والموت العرضي.
فالحياة العرضية هي اليقظة، وهي الحياة بالدِّين، كقوله: (أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ)، وكقوله في الحياة بالعلم، إنه ميت بالجهل.
والحياة الطبيعية: هي التي بها قوام النفس.
والموت الطبيعي: هو الذي به فوات النفسي.
والشهادة: هي التي بها اكتساب الحياة في الآخرة، سمي به (حياة). واللَّه أعلم.
ويحتمل قوله: (وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ)، أي لا تقولوا (أَمْوَاتٌ)، لما ينفر طبعكم عن الموت، ولكن قولوا (أَحْيَاءٌ) لترغب أنفسكم في الجهاد، إذ هو يرد بحياة الدنيا والدِّين، مع ما يحتمل أن يكون اللَّه بفضله يجعل لهم ما كان لهم لو كانوا أحياء يعملون. فكأنهم أحياء فيما جعلت لهم حياة الدنيا. واللَّه أعلم.
وقوله: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (١٥٥)
وقوله: (الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (١٥٦).