سُورَةُ كُوِّرَتْ وهي مَكِّيَّة
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قوله تعالى: (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (١) وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ. وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ. وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ (٤) وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (٥) وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ (٦) وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ (٧) وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (٨) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (٩) وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ (١٠) وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ (١١) وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ (١٢) وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ (١٣) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ (١٤).
قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) هذا ليس بابتداء خطاب، ولكنه جواب عن سؤال تقدم؛ فيشبه أن يكون السؤال عن وقت لقاء الأنفس الأعمال؛ فنزل قوله: (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) إشارة إلى أحوال ذلك الوقت وآثارها؛ على ما نذكر المعنى الذي له وقع لتبيين الأحوال دون تبيين الوقت في سورة (إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ).
واختلف في قوله - تعالى -: (كُوِّرَتْ):
قَالَ بَعْضُهُمْ: هي فارسية، معربة، وهي بالعربية: غورت.
وقال: (كُوِّرَتْ)، أي: ذهب ضوءها؛ يقال: كور الليل على النهار، أي: أذهب نوره وضياءه؛ فالتكوير يغطي لون الشيء عن الأبصار، فقيل: كورت الشمس، أي: حبس ضوءها على الأبصار بالطمس؛ فيكون فيه إنباء أنه يطمس ظاهرها، ثم يرد التغيير في نفسها فتتلف وتتلاشى، ومنه يقال: كور العمامة؛ إذا لفها على رأسه فتغطيه.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ (٢) تناثرت وتساقطت، وهو كقوله: (وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ).
وقيل: ذهب ضوءها؛ فكأن ضوءها يذهب أولا، ثم تتناثر بعد ذلك.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ (٣) أي: قلعت عن أماكنها وسيرت، كما قال في آية أخرى: (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ)، وهي إذا قلعت تكثرت؛ حتى لا يتبين للناظر سيرها؛ لكثرتها؛ فيحسبها جامدة، وهي تسير، فهذا