أعماله؛ فيكون هذا على الإنكار منهم بالكرام الكاتبين.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (٣٤) يكون ضحكهم على المجازاة للكفرة بما كانوا يضحكون منهم في الدنيا.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (٣٥) منهم من وقف على قوله: (عَلَى الْأَرَائِكِ).
ومنهم من رأى موضع الوقف على قوله: (يَنْظُرُونَ).
فإذا وقفت على قوله: (عَلَى الْأَرَائِكِ)، كان معناه: أنهم ينظرون: هل جوزي الكفار ما أوعدهم الرسل في الدنيا أو لا بعد؟
وإذا وقفت على قوله: (يَنْظُرُونَ)، كان قوله - تعالى -: (هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ ... (٣٦) أي: قد جوزي الكفار ما كانوا يفعلون، فهم ينظرون كيف يعاقبون.
ثم القول: أن كيف احتملت أنفسهم النظر إلى الكفار بما هم فيه من التعذيب، والمرء إذا رأى أحدا في شدة العذاب، لم يحتمل طبعه ذلك، ونغص عليه العيش؛ فجائِز أن يكون اللَّه - تعالى - أنشأهم على خلقة لا تقبل المكاره ولا تجدها؛ بل تنال اللذات كلها والمسار.
أو ارتفع عنهم المكروه؛ لبلوغ العداوة بينهم وبين أهل النار غايتها، وكذلك يرى المرء في الشاهد إذا عادى إنسانا واشتدت العداوة فيما بينهما، ثم رآه يعذب بألوان العذاب، لم يثقل عليه ذلك؛ بل أحب أن يزاد منه.
ثم جائز أن يرفع إليهم أهل النار إذا اشتاقوا النظر إليهم، فيرونهم.
أو يجعل في بصرهم من القوة ما ينتهي إلى ذلك المكان.
ثم ذكر بعضهم أن هذه السورة مكية.
ومنهم من ذكر أنها نزلت بين مكة والمدينة، وهي مكية.
ومنهم من ذكر أن أولها مدنية وآخرها مكية، واللَّه أعلم.
* * *