أحدهما: أي: احذروا ناقة اللَّه، وهو كقوله: (وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ).
والثاني: أي: قال لهم: ذروا ناقة اللَّه تأكل في أرض اللَّه، وذروا بين الناقة وسقياها -أي: شربها- ثم أضيفت الناقة إلى اللَّه - تعالى - لوجهين:
أحدهما: أن اللَّه - تعالى - لم يأذن لأحد بالتملك عليها؛ حتى ينسب إليه الملك، بل بقيت غير مملوكة لأحد؛ فأضيفت إلى اللَّه - تعالى - كما أضيفت إليه المساجد؛ لما لا ملك لأحد عليها.
أو أضيفت إلى اللَّه - تعالى - على معنى التفضيل، والأصل أن إضافة الأشياء إلى اللَّه - تعالى - بحق الجزئيات على تفضيل تلك الأجزاء من بين غيرها، وإضافة الأشياء إلى اللَّه - تعالى - بحق الكليات، تخرج مخرج تعظيم اللَّه تعالى، فإذا قيل: رب المساجد، أريد به: تفضيل المساجد من بين سائر البقاع، وإذا قيل: رب العرش، أريد به تعظيم العرش، وكذلك إذا قيل: رب الناقة، أريد به تعظيم أمرها، وإذا قيل: رب العالمين، ورب كل شيء، أريد به تعظيم الرب، جل جلاله.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا (١٤):
يحتمل أن يكونوا كذبوا صالحا في رسالته، أو كذبوه فيما أخبرهم من حلول العذاب بهم إذا عقروا الناقة، فعقروها مع ذلك.
وقوله - تعالى -: (فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ)، قَالَ بَعْضُهُمْ: أي: أطبق عليهم العذاب على الصغير والكبير، ومنه يقال: بعير مدموم؛ إذا كان سمينا أطبق شحمه على لحمه.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: دمدم عليهم، أي: دمر عليهم بذنبهم، وذنبهم ما تعدوا من تكذيبهم الرسول، وعقرهم الناقة.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَسَوَّاهَا):
يحتمل وجهين: