سُورَةُ (إِذَا زُلْزِلَتِ)، وهي مَكِّيَّة
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قوله تعالى: (إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (١) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (٢) وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا (٣) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (٤) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (٥) يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (٦) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٨).
قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا):
قد ذكرنا أن حرف (إِذَا) إنما يذكر عن سؤال سبق منهم؛ كأنهم سألوا عن الوقت الذي كانوا يوعدون فيه، وإن لم يذكر السؤال؛ لأنه قد يكون في الجواب بيان السؤال، وفي السؤال بيان الجواب، وإن لم يذكر، فعند ذلك قال: (إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا)، أخبرهم عن أحوال يوم القيامة والحساب، ولم يخبرهم عن وقتها، وقد ذكرناه في غير موضع.
ثم قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا)، أي: حركت الأرض تحريكا شديدًا؛ لهول ذلك اليوم، وهو يخرج على وجهين:
أحدهما: جائز أن تكون تتزلزل وتتحرك؛ حتى تلقي ما ارتفع منها من الجبال الرواسي في الأودية، حتى تستوى الأرض، لا يبقى فيها هبوط ولا صعود، كقوله - تعالى -: (لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا (١٠٧).
وجائز أن يكون قوله: (زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ)، أي: تتزلزل، وتتحرك؛ لتغير الجبال الرواسي حتى تصير كما ذكر: (يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ. وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ). وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا)، وإذا فنيت وتلاشت بقيت الأرض مستوية على ما ذكر.
ويحتمل أن تكون تتزلزل وتتحرك؛ حتى تصير غير تلك؛ كقوله - تعالى -: (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ. . .) الآية.
ويحتمل أن يكون تبديلها وتحريكها ومدها هو تغير صفاتها؛ على ما ذكرنا في الوجهين الأولين.
قال الزجاج: لا تصح هذه القراءة؛ لأن الزلزال من المضاعف، والمضاعف إنما يكون بالخفض مصادرها، أما من الأسماء قد يكون نصبا؛ كقوله تعالى: (مِنْ صَلْصَالٍ)