النفس لا تتلذذ بالتناول من كل حلال، ولكن إنما تطيب بما هو لها ألذ وأوفق. والله أعلم.
وعلى ذلك قوله: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ. . .) الآية. فيكون كأنه الذي في الأرض حلالًا وحرامًا، ثم فما حل طيب دون ما حرم. فأمر بأكل ما طاب من ذلك إذا قدر عليه؛ لأنه على قدر طيبه يعظم محله في القلب، وعلى ذلك يرغب نفسه بالشكر لمن أنعم به عليه، والتعظيم لمن أكرمه بالذي طابت له به النفس. واللَّه أعلم.
واختلف في قوله: (وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ).
قيل: آثار الشيطان.
وقيل: وساوس الشيطان.
وقيل: سبل الشيطان؛ كقوله: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ).
فهو يرجع إلى واحد.
وقوله: (إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ)، وذكر في موضع آخر، وسماه وليًّا بقوله: (أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ). فالوجه فيه أنه يريهم في الظاهر الموالاة ولكنه يريد في الباطن إهلاكهم، فإذا كان كذلك فهو في الحقيقة عدو.
وجائز أن يكون (أَوْلِيَاؤُهُمُ)، أي هو أولى بهم إذ عملوا ماعملوا بأمره، أو أولياؤهم بما وافقوهم في الفعل، وشاركوهم في الأمر، وكانوا في الحقيقة لهم أعداء، إذ ذلك هلاكهم. ولا قوة إلا باللَّه.
وقوله: (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا)؛ لأنه يوسوس ويدعو فإن أطاعه -وإلا ليس له عليه سلطان سوى ذلك- فهو ضعيف؛ لأن من لا ينفذ على رعيته سوى قوله فهو ضعيف، يوصف بالضعف - واللَّه أعلم - ولكون ضعيفا على من يتأمل مكائده ويتحفظ أحواله.
وقوله: (إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ (١٦٩)
قيل: يحتمل: أن يكون السوء هو الفحشاء، والفحشاء هو السوء. لما أن كل واحد