سُورَةُ النَّصْرِ
وهي مدنية
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قوله تعالى: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (٢) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (٣).
قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ):
قال عامة أهل التأويل: إن قوله - تعالى -: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) هو مكة، والنصر الذي نصر رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - على أهل مكة.
قال أبو بكر الأصم: هذا لا يحتمل؛ لأن فتح مكة كان بعد الهجرة بثماني سنين، ونزول هذه السورة كان بعد الهجرة بعشر سنين، ولا يقال للذي مضى: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ)، ولكن أراد سائر الفتوح التي فتحها له، أو كلام نحو هذا، ولكن يحتمل أن يكون قوله: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ) يعني: إذ جاء.
وجائز ذلك في اللغة، وفي القرآن كثير " إذا " مكان " إذ "، فإن كان على هذا فيستقيم حمله على فتح مكة؛ على ما قاله أُولَئِكَ.
أو يكون قوله - تعالى -: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ)، أي: قد جاء نصر اللَّه.
أو أن يكون أراد بما ذكر من النصر والفتح: الفتوح التي كانت له من بعد حين دخل الناس في دين اللَّه أفواجا؛ على ما ذكرنا.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (نَصْرُ اللَّهِ)، أي: عون اللَّه وخذلانه لأعدائه.
أو أن يكون قوله - تعالى -: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ): هي فتوح الأمور التي فتحها اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - عليه من تبليغ الرسالة إلى من أمر بتبليغها إليهم، والقيام بالأمور التي أمره أن يقوم بها، فتح تلك الأمور عليه وأتمها، فإن كان على هذا، تصير فتوح تلك الأمور له نعيا له؛ بالدلالة على ما قاله أهل التأويل: إنه نعى لرسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - نعيه،