وقيل: الفحشاء ما فحش في العقل، والسوء ما ينتهي بالنهي عنه.
وقوله: (وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ).
يخرج على الأول، وهو السوء والفحشاء، يأمرهم بذلك فيقولوا: اللَّه أمرنا بها.
ويحتمل قوله: (وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) ما قالوا: إن اللَّه حرم هذه الأشياء، أو القول على اللَّه ما لا يعلمون بما لا يليق به من الولد وإشراك غيره في عبادته. واللَّه أعلم.
* * *
قوله تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ (١٧٠) وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (١٧١)
وقوله: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا).
يحتمل هذا وجهين:
يحتمل: أن آباءهم كانوا أوصوهم ألا يفارقوا دينهم الذي هم عليه، فقالوا عند ذلك: لا ندع وصية آبائنا، كقوله: (أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ).
أو كانوا قومًا سفهاء أصحاب التقليد، فقالوا: إنا قلدنا آباءنا، فلا نقلد غيرهم.
وقوله: (أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ).
يخرج هذا الكلام على وجهين:
أي: تقلدون أنتم آباءكم وإن كانوا لا يعقلون شيئًا.
ويحتمل: (أَوَلَوْ كَانَ)، أي: وقد كان آباؤكم لا يعملون شيئًا فكيف تقلدونهم؟ وهو كقوله: (قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ)، أي وقد جئتكم. أو أن يقال: من جعل آباءكم قدوة يقتدى بهم؟
وقوله: (وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً (١٧١)
قيل فيه بوجهين:
قيل: مثلنا (وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ) أي يصوت (بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً) يسمعون الصوت ولا يفهمون ما فيه.