أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ) ومجازاة له.
فهذا وإن لم يكن في فعله في القصة استعمال اليدين، فيجوز أنه كان يصرف الناس عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بيده، أو حين دعى إلى الإيمان باللَّه - تعالى - مد يديه على التعجب من ذلك، وقال: " ألهذا دعوتنا؟ " فرد اللَّه - تعالى - عليه ذلك، وعيره به.
وقد يجوز أن يظهر في الجواب مقدمة السؤال وإن لم يذكر ذلك في السؤال؛ ألا ترى إلى قوله - تعالى -: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ)؛ فعلم بذلك أن السؤال إنما كان عن قربانهن في المحيض؛ فكذلك الأول.
وإن كان ذكر اليد على الصلة، فهو يخرج على وجهين:
أحدهما: ذكر اليد كناية عن العمل والفعل، إلا أنه ذكر اليد؛ لما باليد يقوم ويعمل؛ كقوله تعالى: (بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ)، و (فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ)، وذلك على الكناية عما كان منه من الصنيع، أي: خسرت أعماله وبطلت.
والثاني: يذكر اليد على إرادة: قدام وأمام؛ كقوله - تعالى -: (لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ)، أي: أمامه وخلفه؛ فيكون معناه: ما قدم من الأعمال، واللَّه أعلم.
ثم تخصيص أبي لهب بالذكر من بين سائر الكفرة يحتمل وجوها:
أحدها: خصه بالاسم؛ لأنه كان من الفراعنة والأكابر، وهو المقصود به، والفراعنة قد يذكرون بأسمائهم؛ لما هم المقصودون به، وإن كان من دونهم يشاركونهم في ذلك؛ كذكر فرعون، وعاد، وثمود، وغيرهم.
والثاني: كان شديد الهيبة والخوف؛ فذكره باسمه، وخصه به؛ ليعلم أن محمدا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - لا يهابه، ولا يخافه، واللَّه أعلم.
والثالث: أنه كثير الأيادي والصنائع بحق رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، فلو كان الخطاب بهذا يعم الكفرة، لكان يظن بما سبق منه من الأيادي أنه غير داخل تحت الخطاب؛ فخصه بالذكر؛ ليعلم أنه لا يغنيه من اللَّه شيء.
ثم ذكره بالكنية يخرج على وجوه: