عن ابن عَبَّاسٍ، رضيَ اللَّهُ تعالى عنه، أنه قال: من سنة الحج ألا يحرم بالحج إلا في أشهر الحج.
وعن جابر، رضيَ اللَّهُ تعالى عنه، أنه قال: لا يحرم بالحج قبل أشهر الحح.
فأصحابنا، رحمهم اللَّه تعالى، يكرهون الإحرام قبل أشهر الحج، واتبعوا في كراهيتهم ما رُويَ عن السلف النهي عن ذلك، لكنهم يقولون: إن أحرم يجوز.
واحتج بعض أصحابنا في ذلك بأن قال: للحج ميقات ووقت، وأجمعوا أن من أحرم
بالحج قبل الميقات فإحرامه صحيح، فعل ذلك من أحرم قبل وقته فإحرامه صحيح، وقَالَ بَعْضُهُمْ: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ)، الأشهر كلها، كقوله تعالى: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا)، وهي الأشهر كلها، وهي معلومة؛ وهي، كقوله تعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ). فإن كان هذا تأويل الآية، ففيه دليل جواز الإحرام بالحج في الأشهر كلها.
وقال آخرون: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ)، أي في أشهر معلومات، وهو ما ذكرنا من قول جماعة من السلف، قالوا: إنها شوال، وذو القعدة، وعشر من ذي الحجة، غير أنه يتوجه وجهين:
أحدهما: أن لفعل الحج أشهر معلومات، دليله قوله تعالى: (فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ)، سماه حجّا بعد سبب الإلزام، فثبت أن ما بعد الإحرام حج.
والوجه الثاني: أن للحج أشهر معلومات، لا يدخل فيها غيره، ثم أدخل فيها العمرة رخصة، دليله: قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة، هكذا، وشبك بين أصابعه، "، فيكون معناه: أن للحج أشهر، أي: لفعله أشهر معلومات. واللَّه أعلم.