يستوجب بعضهم قبل بعض المعونة لهم والحفظ والصلاح، كقوله: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ). دل قوله: (فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ)، على أن الصغير قد يعق والديه في أمر الدِّين، ويجوز منهم التدين إذا عقلوه وإن لم يكونوا بلغوا. واللَّه أعلم.
ثم أوعدهم عَزَّ وَجَلَّ بقوله:
(وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ).
أي - واللَّه أعلم - يعلم طالب النفع والنظر لهم من طالب الفساد والإسراف في أموالهم.
وقوله: (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ).
قيل: يضيق عليكم، ولم يأذن لكم بالمخالطة معهم.
وقيل: لأعنتكم، فلم يرض لكم في الخلطة.
وقيل: لأحرجكم. وهو واحد.
وأصل العنت: الإثم، كقوله تعالى: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ)، يعني: أثمتم.
وقوله: (إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).
فيه وعيد لهم على ما ذكرنا. واللَّه أعلم.
* * *
قوله تعالى: (وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٢٢١)
اختلف أهل التأويل في تأويل هذه الآية:
فقال قائلون: الحظر على كل مشرك ومشركة -كتابيًّا كان أو غير كتابي- ثم نسخ بقوله: (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ). فالإماء على الحصر؛ لأنه إنما استثنى الحرائر دون الإماء بقوله: (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ).
وقال آخرون: هو على المشركات خاصة دون الكتابيات، والكتابيات مستثنيات،